لكن السنة النبوية رخصت في ذلك فقد ثبت في البخاري عن عائشة وابن عمر أنهما قالا:(لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي)(١)
وأيام التشريق فيهن أفعال للحج لكن ليس فيهن تلبس بالحج فإنه ينتهي الإهلال بالحج في يوم النحر عند رمي الجمرة وحينئذٍ لا يكون في الحج لكن بقيت أحكام متعلقة بالحج.
ولعله لتعلق هذه الأحكام رخص في ذلك.
إذاً:أيام التشريق يجوز له أن يصومهن وكونهن لسن من الأيام التي يكون المسلم متلبساً في الحج فيهن، هذا حيث دلالة القرآن وأما السنة النبوية فإنها قد زادت على ما ورد في القرآن.
وأيضاً المعنى يدل على ذلك وهو بقاء أفعال للحج ثابتة في أيام التشريق.
وأما صيام السبعة الأيام:
فالمشروع في حقه كما تقدم أن يصومها إذا رجع إلى أهله.
لكن الخلاف في هل يجوز له أن يصوم قبل ذلك كأن يصوم في مكة أو في طريقه؟
قولان لأهل العلم:
١- القول الأول: مذهب الجمهور ومنهم الحنابلة: يجزئه ذلك وحملوا الآية الكريمة على أنها رخصة.
وعللوا ذلك بأن السبب قد وجد فسبب الصيام موجود وهو عدم وجود الهدي في وقته، وحيث وجد سببه فإنه يجزئ الصيام وأما الآية القرآنية فهي رخصة.
والمعنى يدل على ذلك فكونه يصوم إذا رجع إلى أهله هذا رخصة من الله ليكون ذلك أهون عليه وأسهل في حقه لكن لا مانع أن يصوم قبل ذلك لوجود سبب الحكم وهو عدم الهدي
وقالوا: نظير ذلك الصيام للمسافر فإن الله عز وجل قال: {فمن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر} فظاهر ذلك أنه إن سافر فلا يصوم ويصوم عدة من أيام أخر، لكن هذه الآية رخصة بدلالة السنة النبوية، بل قد يكون الصيام أفضل كما تقدم في كتاب الصيام. والمقصود أنه يجزئ بلا خلاف أن يصوم في السفر لوجود سبب الحكم وهو رمضان.