فالذي يظهر لي ما ذهب إليه المالكية من التفصيل: أما حمام الحرم فيجب فيه شاة كما قضى بذلك ابن عباس تغليظاً لهذا الفعل، وأما غيره من الحمام فإن صاده المحرم فلا يجب فيه إلا القيمة فيشترى بقيمته طعام ويهدى إلى مساكين الحرم، وتقدم.
مسألة:
رجل وجبت عليه شاة فأهدى بدنة، فإن ذلك يجزئه لأنه فعل ما يجب وزيادة، فمن تطوع خيراً فهو خير له.
مسألة:
الظاهر أنه يجوز نقل الهدي ونحوه عن مساكين الحرم إذا كانوا مكتفين.
والحمد لله رب العالمين.
باب: صيد الحرم
أي الحرم المكي: ويتبعه المؤلف أيضاً بذكر حكم صيد الحرم المدني.
قال:(يحرم صيده على المحرم والحلال)
يحرم صيد الحرم وهذا بالإجماع، فلا يجوز للمسلم - أن يصيد بالإجماع - أن يصيد صيد الحرم محلاً كان أو محرماً.
وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن هذا البلد حرمه الله لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده ولا تُلتقط لقطته إلا لمن عرَّفها ولا يختلى خلاها " وهو العشب الأخضر الرطب " فقال العباس: يا رسول الله: إلا الإذخر فإنه لقينهم ولبيوتهم " لقينهم " أي لصانعهم، يوقد به النار لصنعته " فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(إلا الإذخر)(١) وهو عشب معروف هناك.
فهذا الحديث وغيره يدل على تحريم مكة – وهذا بإجماع العلماء وأن صيدها حرام على المحل والمحرم.
قال:(وحكم صيده كصيد المحرم)
فحكم صيد الحرم كحكم صيد المحرم، وقد تقدم البحث في مسألة صيد المحرم في تحريم ذلك وأنه يثبت فيه الجزاء قال تعالى:{يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ... } فعلى ذلك كل ما يثبت من الجزاء فيما تقدم البحث فيه من وجوب المثلية أو القيمة أو الإطعام والصيام كل ذلك ثابت في صيد الحرم للمحرم والمحل، وهذا باتفاق العلماء.