للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما الأثر: فهو ما تقدم عن ابن عباس من إيجابه في حمام الحرم شاة على المحرم والمحل، وهو في البيهقي بإسناد صحيح.

وأما النظر: فهو قياس صيد الحرم على صيد المحرم بجامع أن الصيد ممنوع لحق الله فيهما. فالصيد ممنوع لحق الله تعالى على المحرم، وممنوع لحق الله أيضاً عليه وعلى المحل في صيد الحرم.

فقد اتفق أهل العلم على ثبوت الجزاء في صيد الحرم على التفصيل المتقدم في النعامة بدنة وفي الضبع كبش ... وهكذا.

وفي قوله: (وحكم صيده كصيد المحرم)

ظاهره أن الصيد المائي في الحرم جائز، كأن يكون في العيون أو المياه التي في الحرم – أن يكون فيها- شيء من صيد الحرم، فظاهر كلام المؤلف جواز اصطياده وهو رواية عن الإمام أحمد، وهذا من باب القياس فكما أن المحرم لا يحرم عليه صيد البحر فكذلك هو والمحل في الحرم.

والرواية الثانية عن الإمام أحمد: وهي أصح: أن صيد البحر محرَّم في الحرم أي الصيد المائي في العيون ونحوها.

وذلك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (ولا ينفر صيدها) و" صيد " جمع مضاف فيفيد العموم أي كل صيدها، فيدخل في ذلك الصيد المائي.

وقياسهم قياس مع الفارق: فإن المحل يجوز له أن يقطع الشجر ويحش الحشيش وأما في الحرم فلا يجوز له ذلك فثبت بينهما الفارق.

والقياس مع الفارق غير صحيح.

إذاً: أصح قولي العلماء وهو رواية عن الإمام أحمد: أن الصيد المائي لا يجوز صيده في الحرم المكي لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (ولا ينفر صيدها) .

قال: (ويحرم قطع شجره وحشيشه الأخضرين إلا الإذخر)

يحرم قطع شجر الحرم – أي شجره النابت فيه بغير فعل من الآدميين كالشجر البري، فما ينبت فيه من الشجر البري وليس من صنع الآدميين لا يجوز بالإجماع أن يعضد ولا أن يحش الحشيش الأخضر وذلك للحديث المتقدم في قوله: (ولا يعضد شوكها) .

فالشوك مع ما فيه من الأذى لا يجوز أن يعضد فالشجر أولى من ذلك وهذا باتفاق العلماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>