واستدلوا: بما ذكره صاحب المغني وغيره أن الإمام أحمد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم: لما حرَّم المدينة قالوا: يا رسول الله: إنا أصحاب عمل وأصحاب نضح، وليس لنا أرضاً سواها فرخص لنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(القائمتان) وهي مقدمة الرحل ومؤخرته، أي ما يوضع على الناقة مما يتكئ عليه في مؤخرته، وما يستمسك به في مقدمته، (والوسادة والعارضة والمَسَدَّ)(١) والوسادة والمسد خشب يوضع في البكرة التي يستسقى بها الماء " والعارضة: خشب يوضع سقفاً للمحمل " وما سوى ذلك فلا يعضد ولا يؤخذ منه حطباً.
والحديث ذكره صاحب المغني – كما تقدم – ناسباً إياه إلى الإمام أحمد ولم أجده في المسند، وهكذا قال المعلق على كتاب المغني أنه لم يجده في المسند والاحتجاج به متوقف على النظر إلى إسناده ولعله في شيء من كتب الإمام أحمد سوى المسند.
لكن حاجة الناس من أهل المدينة ثابتة لذلك، فإن حاجتهم إلى ذلك أعظم من حاجة أهل مكة لاحتياجهم إلى الحرم بخلاف أهل مكة فإن الأمر يتسع لهم أعظم من أهل المدينة فيما سوى الحرم. ولأن حرم المدينة مخفف عن حرم مكة كما تقدم من أنه لا جزاء في صيد صيده ولا في احتشاش حشيشه ولا قطع شجره إلا ما ورد من السلب وهو ليس من باب الجزاء على الإطلاق، وإنما قد يقع له، فإن لم يقع فلا جزاء، فلا شك أن حرم المدينة أخف من حرم مكة.
فعلى ذلك: إن احتاجوا إلى شيء من الأخشاب أو الحشيش ونحو ذلك فذلك جائز لهم.