ومنى: شعب بين جبلين وهي بين حدين هما: جمرة العقبة ووادي محسر، فجمرة العقبة ووادي محسر ليسا من منى باتفاق العلماء كما نص على ذلك الموفق وابن القيم وغيرهما.
والحنابلة ذكروا أن وادي محسر وجمرة العقبة ليسا من منى ولم يذكروا في هذه المسألة خلافاً، وهو المشهور عند أهل العلم وقد ثبت في موطأ مالك بإسناد صحيح أن عمر قال:(لا يبيتن أحد من الحاج ليالي منى من وراء العقبة)(١) فدل على أن ما وراء العقبة ليس من منى، ولا يعلم لهم مخالف وكذلك وادي محسر.
ومما يدل على أنه ليس من منى، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مَّر به حرك قليلاً وهي سنته صلى الله عليه وسلم في الأماكن التي وقع فيها بأس الله عز وجل وعذابه كما فعل ذلك في مروره بديار ثمود، ولا يمكن أن يكون هذا الموضع الذي يسرع فيه ويتعجل – لا يمكن أن يكون منسكاً يتعبد لله به. وأما ما ذكره الشيخ الألباني: أن محسراً من منى استدلالاً برواية في صحيح مسلم في حديث الفضل بن عباس من سياق فعل النبي صلى الله عليه وسلم من قول الفضل وفيه ذكر مروره بوادي محسر قال: (وهو من منى) .
والأظهر إن هذا من قول بعض الرواة وليس من قول الفضل بن عباس إذ لا يمكن أن يكون هذا الموضع الذي يشرع الإسراع به والتعجل بمروره لا يمكن أن يكون منسكاً يتعبد الله به. وهذا هو المشهور عند أهل العلم وقد ذكره الأزرقي عن عطاء بن أبي رباح إمام أهل مكة، قال ابن القيم – في وادي محسر:(وهو برزخ بين منى ومزدلفة) وهو – كما تقدم – رمية بحجر أي ثلاثمائة أو أربعمائه متراً ونحو ذلك.
فعلى ذلك منى: حداها جمرة العقبة ووادي محسر، وأما من الجهتين الأخريين فتحفها الجبال فيهما.
قال:(رماها بسبع حصيات)
(١) الموطأ براوية يحيى بن يحيى الليثي، باب البيتوتة بمكة ليالي منى رقم ٩١٩.