للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالجمع بين أثري ابن عمر: أن الأثر الأول في رمي الجمار أيام التشريق وذلك لأن أيام التشريق وقتها واحد، فكلها إذا زالت الشمس رميت، فأُمر بجمعها، وسيأتي الكلام على جمعها ومذاهب أهل العلم في ذلك، فالمراد جمار أيام التشريق بدليل الجمع في قوله: (من نسى رمي الجمار) (١) أي جمرة العقبة والجمرة الوسطى والجمرة الصغرى.

وأما أثره الآخر فهو دال على جواز الرمي ليلاً لاسيما للمعذورين وهكذا في ازدحام الناس وحطمتهم فإنه يقال بهذا المذهب.

وحينئذ فالأحوط ألا يرمي إلا نهاراً، لكن ينبغي أن يوسع في هذا حيث كانت هناك حطمة وزحام شديد فإنه يوسع في هذا كما تقدم عن ابن عمر في امرأته لما تخلفت وابنة أخيها فإنه أمرهما أن يرميا ليلاً.

هناك أثر عن ابن عباس: أن الحجر الذي يرمي فيقبل (٢) أنه يرفع وهو ثابت عن ابن عباس لكن هل المراد رفع معنوي أو حقيقي – هذه مسألة أخرى.

الجبال التي تحف منى: ما أقبل فهو من منى وما أدبر فليس منها، أما الذي في رأس الجبل لا مقبل ولا مدبر: فالأظهر أنه ليس من منى لأن الحدود في الأصل ليست منها لكن الناس في هذا الوقت لا يمكن إلا أن يخرجوا من منى فهذا باب آخر، لأن الواجبات تسقط بالعجز عنها.

ولا شك أن الموضع لا يكفي فيحتاجون أن يكون في مواضع أخرى من المواضع التي تتصل بمنى. فإذا اتصلت المواضع بمنى فقد امتدت فإن لها حكم منى، كما أن الناس إذا صلوا في المسجد فامتدت صفوفهم خارج المسجد فهم في المسجد، فكذلك منى فإذا اتصلت في الخيام ولو كان ذلك خارج منى فإنه يجزئ لأن الواجبات تسقط عند العجز عنها ولأن المشقة تجلب التيسير ولا يتكلفون أيضاً الخروج من خيامهم إلى المبيت في الليل بمنى لما في ذلك من الكلفة عليهم.

والحمد لله رب العالمين.

قال المؤلف رحمه الله: (ثم ينحر هدياً إن كان معه)


(١) سبق ص١١٦
(٢) لعلها: فيضل.

<<  <  ج: ص:  >  >>