للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا القول – فيما يظهر لي – قوي وهو مقتضى كلام الشيخ عبد الرحمن بن سعدي في مسألة الطواف فإنه نظر في قول الحنابلة وغيره من جواز تأخير الطواف عن أيام منى، وأن ذلك لا يجوز، وذلك لأن أيام منى هي أيام الحج، والحج عبادة مؤقتة {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج} (١) فكون الله عز وجل لم يقيَّد وقتاً لانتهاء الحلق في الآية المتقدمة لكنه سبحانه وقت للحج في قوله: {الحج أشهر معلومات} فالحج له أيامه التي يفعل فيها، ومقتضى ذلك أنه لا يجوز تأخيره عن أيامه.

فالراجح أنه لا يجوز تأخيره عن أيام منى وهو رواية عن الإمام أحمد ومذهب أبي حنيفة وأنه يجب عليه دم وهو مذهب بعض الحنابلة.

وعلى ما تقدم من ترجيح مذهب المالكية أن أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة بتمامه، فإنه على ذلك إذا أخر الحلق عن شهر ذي الحجة فعليه دم وقبله لا دم عليه، ومع ذلك فالأحوط أنه: إن أخره عن أيام منى فعليه دم لأن أيام التشريق هي آخر أيام الحج في التعبد وفعل المناسك.

قال: (ولا بتقديمه على الرمي والنحر)

لو أن رجلاً حلق قبل أن يرمي، أو حلق قبل أن ينحر فلا دم عليه ولا حرج في ذلك.

ودليله ما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له رجل: (يا رسول الله! حلقت قبل أن أذبح فقال: اذبح ولا حرج، فقال رجل: يا رسول الله! ذبحت قبل أن أرمي فقال له صلى الله عليه وسلم: ارم ولا حرج) (٢) .

وفي مسلم: فما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: (افعل ولا حرج) (٣) .

وحينئذ فإن هذا يكون ترخيصٌ دلت عليه سنة، وإلا فإن ظاهر قوله تعالى: {ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله} أنه لا يجوز له أن يحلق حتى يبلغ الهدي محله وأن الواجب عليه أن يهدي ثم يحلق لكن استثنت السنة هذا في يوم النحر.


(١) سورة البقرة.
(٢) سبق ص١١٥
(٣) سبق ص١١٥

<<  <  ج: ص:  >  >>