للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رجل لم ينو في حج أو عمرة فإنه لا تنعقد نسكه؛ لأن الأعمال لا تصح إلا بالنيات: (إنما الأعمال بالنيات) (١) فإذا لم ينو الحج أو العمرة فإن حجه أو عمرته لم ينعقدا ولا خلاف بين أهل العلم في هذا، بل هي من مسائل الإجماع.

قال: (وإن ترك ركناً غيره لم يتم نسكه إلا به)

أي إن ترك ركناً غير الإحرام من الأركان الأربعة للحج أو الأركان الثلاثة للحج (٢) ، فترك الطواف أو السعي في الحج أو العمرة أو ترك الوقوف في الحج لم يتم نسكه إلا به لأنه ركن ولا تصح العبادات ولا تتم إلا بأركانها وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم – لما قيل له – أن صفية حاضت فقال: (أحابستنا هي) (٣) ؟ وهذا أيضاً باتفاق العلماء.

قال: (ومن ترك واجباً فعليه دم)

من ترك واجباً سواء كان ذلك سهواً أو جهلاً فإن عليه أن يجبره بدم عند جماهير العلماء.

ودليل ذلك ما تقدم عن ابن عباس أنه قال: (من نسى من نسكه شيئاً أو تركه فليهرق دماً) (٤) ولا خلاف من أحد من الصحابة لابن عباس فلا يعلم له مخالف، وحيث كان ذلك فقوله حجة، ولأن مثل ذلك له حكم الرفع فإنه لا يعقل أن ابن عباس يوجب الدماء في مسائل كثيرة من مسائل الحج في واجباته من غير أن يكون عن نص من النبي صلى الله عليه وسلم فهو مما لا يدرك بالاجتهاد وحيث كان كذلك فإنه له حكم الرفع وهذا الأثر اشتهر عن ابن عباس ولا يعلم له مخالف فيه فيكون حجة وإجماعاً.

فإذن: من ترك واجباً من واجبات الحج ساهياً أو جاهلاً أو متعمداً فإن عليه دم، هذا إن لم يتمكن من الفعل، فإن تمكن فعليه أن يفعل فإن لم يفعل فعليه دم.


(١) متفق عليه، وقد تقدم.
(٢) لعل الصواب: العمرة.
(٣) تقدم ص١٢٢
(٤) تقدم ص١٣٢

<<  <  ج: ص:  >  >>