للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالوا: وإنما استثناء الوقوف بعرفة والرمي وغير ذلك من مناسك الحج التي لم نقل بوجوبها في العمرة لأنها بالإجماع لا تشرع في العمرة فأخرجها الإجماع، ولأن العمرة متعلقة بالبيت فحسب ولا تعلق لها بغيره بخلاف الحج فإنه يتعلق بالبيت وبغيره فشرعت له تلك المناسك أما العمرة فإنما يشرع لها ما يتعلق بالبيت مما هو ثابت في الحج وطواف الوداع كذلك. وروى الترمذي في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حج البيت أو اعتمر فليكن آخر عهده بالبيت) (١) لكن الحديث فيه الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف الحديث.

وهذا الاستدلال فيه قوة.

والأقوى – فيما يظهر لي – استدلالاً: أن يقال: إن طواف الوداع لا تعلق له بالحج كما هو اختيار شيخ الإسلام وهو مذهب الشافعية – فإنه لا تعلق له بالحج أصلاً حتى يختص به دون العمرة بل هو متعلق بالبيت توديعاً له.

بدليل: أن من طافه ثم أقام فإنه يبطل ويجب عليه أن يعيده. وبدليل: أنه إنما يشرع له إذا أراد الخروج ولو لم يكن ذلك منه إلا بعد سنين طويلة بخلاف مناسك الحج فإنها مشروعة في أيام الحج بالاتفاق، فإن سائر واجبات الحج وأركانه وسننه إنما تشرع في أيام الحج، وأما طواف الوداع فإنه يشرع عند إرادة الخروج ولو كان ذلك بعد شهر ذي الحجة، فدل على أنه لا ارتباط له بالحج وإنما ارتباطه بتوديع البيت للناسكين، والمعتمر ناسك كما أن الحاج ناسك، وهذا المذهب مذهب قوي فيما يظهر لي وهو اختيار الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين (٢) والله أعلم (٣) .

أما إذا اعتمر ثم خرج مباشرة فإنه لا يجب عليه طواف الوداع باتفاق العلماء.

قال: (فمن ترك الإحرام لم ينعقد نسكه)


(١) أخرجه الترمذي باب ما جاء من حج أو اعتمر فليكن آخر عهده بالبيت من كتاب الحج رقم ٩٤٦.
(٢) لقد توفي بالأمس، رحمه الله تعالى وغفر لنا وله ورفع درجته.
(٣) انظر ص١٤٥

<<  <  ج: ص:  >  >>