إذا حصره مرض كأن يكسر أو يعرج أو يصاب بشيء من الأمراض أو نفدت نفقته فلم يبق له ما ينفق منه على نفسه أو نحو ذلك من العوائق المانعة من تمام الحج سوى العدو – فقد تقدم أن العدو عند الحنابلة إن أحصر الحاج أو المعتمر فإنه يكون محصراً،وحينئذ ينحر ويحلق أو يقصر -.
لكن هنا المسألة: إن كان هذا المعيق ليس عدواً وإنما مرض أو ذهاب نفقة أو نحو ذلك.
فقال الحنابلة، وهو مذهب الجمهور: يبقى محرماً ولا يكون له حكم المحصرين.
قالوا: لأن الله قال في كتابه: {فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي} وهذه الآية نزلت في منع المشركين النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من العمرة فهي قد نزلت في الإحصار من العدو.
ولم يلحقوا به غيره. فجعلوا هذه الآية دليلاً على هذه المسألة.
وصح عن ابن عباس أنه قال:(لا حصر إلا من عدو) رواه الشافعي بإسناد صحيح، ونحوه عن ابن عمر في الموطأ بإسناد صحيح.
- وذهب الأحناف وهو رواية عن الإمام أحمد وهو قول ابن مسعود وقول طائفة من التابعين كمجاهد والحسن وعلقمة، وهو مذهب الظاهرية ومذهب أبي ثور، قالوا: بل الإحصار عام من العدو والمرض وذهاب النفقة وغيرها من العوائق المانعة من الحج أو العمرة.
واستدلوا: بما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم: (من كسر أو عرج فليتحلل وعليه الحج من قابل)(١) رواه الخمسة وإسناده صحيح، وهو دليل على هذه المسألة ظاهر. فقد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم من كسر أو عرج وهما من الأمراض أعطاهما حكم المحصرين.
قالوا: ولأنه داخل في عموم الآية: {فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي} ومن منعه مرض أو ذهاب نفقة فهو محصر.