فقد ثبت في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: (مَا يَعْدِلُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟) قَالَ:} لَا تَسْتَطِيعُونَهُ {قَالَ فَأَعَادُوا عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لَا تَسْتَطِيعُونَهُ وَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ:} مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الْقَانِتِ بِآيَاتِ اللَّهِ لَا يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ وَلَا صَلَاةٍ حَتَّى يَرْجِعَ الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى { (١) فمن كان هذا نصيبه من العبادة لا يفتر من الصيام والقيام قائم قانت بآيات الله قد أسهر ليله في العبادة وأظمأ نهاره بالصيام فإن عمله
يعدل عمل المجاهد في سبيل الله.
إذن: فاستيعاب عشر ذي الحجة بالعبادة ليلا ونهار أفضل من الجهاد في سبيل الله الذي لم تذهب فيه النفس والمال بنص حديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
واستيعاب سائر السنة بالعبادة يعدل الجهاد في سبيل الله، فإذا كان اثنان أحدهما جاهد شهرا والآخر قد استوعب هذا الشهر بالصيام والقيام فإن عملهما يتعادل بنص حديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
* قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى:[وإذا كان أبواه مسلمين لم يجاهد تطوعا إلا بإذنهما] .
إذا كان أبواه: أي والديه مباشرة، الأب المباشر والأم المباشرة.
وقوله (مسلمين) قيد يخرج ما إذا كانا كافرين.
وقوله (تطوعا) قيد آخر يخرج ما إذا كان الجهاد فرضا.
وهي مسألة اتفق العلماء عليها، وأن الجهاد التطوعي لا على المسلم إلا أن يستأذن والديه المسلمين.
الدليل:
(١) ـ (فتح: ٢٧٨٥، م: ١٨٧٨) واللفظ لمسلم؛ ك: الإمارة. ب: فضل الشهادة في سبيل الله.