ودليل ذلك ما ثبت الصحيحين: من حديث عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الْجِهَادِ فَقَالَ:} أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟ {قَالَ: نَعَمْ قَالَ:} فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ { (١) فيحب باتفاق أهل العلم استئذان الوالدين المسلمين في الجهاد التطوعي.
وأما جهاد الفرض فإن الوالدين لا يستأذنان فيه لأنه فرض فتركه معصية ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
* فرع:
فإن كان والداه كافرين لم يستأذنهما كما هو ظاهر كلام المؤلف وهو المشهور في مذهب الحنابلة وغيرهم.
قالوا: وعليه عمل الصحابة فإنهم كانوا يجاهدون بغير إذن آبائهم الكفار كأبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ وغيره.
وقالوا: يستبعد أن يأمر الشارعُ المسلمَ باستئذان الكافر في جهاد أهل ملته أو غيرهم من ملل الكفر مع أنه عدو لله ورسوله. فلا يمكن والحالة هذه أن يستأذن المسلم والده وهو كافر عدو لله ورسوله في الجهاد في سبيل الله.
القول الثاني:
وقال الثوري: بل يستأذن الوالد الكافر في الجهاد في سبيل الله.
أدلته:
واستدل بعمومات النصوص كقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ:} أحي والداك؟ {قال:(نعم) قال:} ففيهما فجاهد {.
وجه الاستدلال: أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يسأله عن والديه أهما كافران أم مسلمان مع أن ذلك في الآباء كثير في عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ. وترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال ـ كما هو مقرر في أصول الفقه.
قال: وعلى ذلك يستأذن الوالد وإن كان كافرا.
الترجيح:
والذي يظهر لي ـ والله أعلم ـ أن المسألة فيها تفصيل: