وهو أنه إن كان الوالد له ضرورة أو حاجة إلى ولده بحيث يحتاج إليه للقيام بحقه والنظر في شؤونه فإنه لا فرق بين أن يكون الوالد كافرا أو مسلما إلا أنه يستثنى من ذلك أن يكون الوالد محاربا. فإن كان ليس بمحارب كالذمي الذي يعيش في البلاد الإسلامية أو يعيش في بلدة بيننا وبينها أمان لا حرب وكان له حاجة إلى ولده ومضطرا إليه أو محتاجا إليه حاجة تامة وظاهرة فالذي يظهر ـ والله أعلم ـ ما ذهب إليه الثوري من وجوب الاستئذان وذلك لعموم الحديث المتقدم.فإن هذا الحديث يحمل على حاجة الوالدين بدليل قوله:} ففيهما فجاهد {أي فيهما فابذل طاقتك ووسعك، فدل هذا على أنهما محتاجان إلى طاقته ووسعه، والشريعة تأتي ببر الوالدين مطلقا سواء كانا مسلمين أم كافرين كما قال تعالى:[وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا] فالذي يظهر ـ والله أعلم ـ أنه إن كان الوالدان يحتاجان إلى مجاهدة الولد فيهما والقيام بحقوقهما فإنهما يستأمران في ذلك، هذا إذا كانا معصومي الدم، وأما إن كانا حربيين فلا لأن دمهما هدر فما كان فيه حفظ لأبدانهما غير مراعى شرعا.
* فرع:
في حكم استئذان الوالدين إن كان رقيقين: ... ... ...
ـ واعلم أن المشهور في المذهب أن الوالدين الرقيقين لا يستأذنان.
قالوا: لأنهما لا ولاية لهما، فإن الولاية تنتقل بالرق.
القول الآخر:
والوجه الثاني في المذهب هو وجوب استئذانهما وإن كانا رقيقين وهذا هو الظاهر.
الأدلة عليه:
١ ـ لعمومات النصوص في قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ:} أحي والداك؟ {قال:(نعم) قال:} ففيهما فجاهد {والحديث عام في الأحرار والعبيد.
٢ ـ ولأن المقصود من ذلك مراعاة حق الوالد
٣ ـ ولئلا يقع في نفسه شيء من الحسرة بفوات نفس ولده أو تعرضه للقتل وهذا ثابت في الرقيق كما هو في الأحرار.