فإن رأى الإمام من الكفار أمارات النقض وظهر منهم ما يدل عليه فإن الإمام ينقض عهدهم قال تعالى:[فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم] ولكن عليه أن يعلن ذلك وأن يظهره فلا يقاتلهم على حين غرة منهم. قال تعالى:[فإمّا تخافنّ من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء] أي انبذ إليهم عهدهم والعقد الذي بينك وبينهم على سواء أي على وضوح وظهور فلا تكن في ذلك خفيا.
وهو إذا قاتلهم على غير ذلك فإن ذلك في الظاهر خيانة ولا ينبغي للمسلم أن يتصف به إذ الله عزوجل لا يحب الخائنين.
* فرع: في مدة الأمان
اختلف العلماء هل يجوز أن يكون عقد الأمان مطلقا، أم لا بد أن يكون مقيدا؟
الجواب:
فمنهم من قال: يجوز أن يكون مطلقا.
ومنهم من منع من ذلك. وقال: غايته سنة. فإذا مضت السنة فإنه يُلزم بالجزية وذلك لأن الله عزوجل أمر بقتالهم إلا أن يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون فلا بد وأن يقاتل إلا أن يعطى الجزية وهذا أظهر وأن الأمان لا يكون مطلقا بل يكون عدة يسيرة تقتضيها المصلحة العامة.
* مسألة: في الهدنة:
إذا كان في الهدنة شرط يخالف كتاب الله أو يخالف مقتضى العقد فإن الهدنة لا تصح.
مثال ما يخالف كتاب الله: لو اشترط الكفار أن ترد إليهم النساء المهاجرات قال تعالى:
[لاهنّ حل لهم ولاهم يحلّون لهم] .
وإرجاعهنّ إليهنّ ذريعة إلى الوقوع بهن ....
* ومثال ما خالف مقتضى العقد: أن يشترط أحدهما النقض له , أو يكون لهما كليهما النقض.ومن هنا فإن ماذكره شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ نوع آخر من الأمان وهو في معنى الهدنة.فلك أن تقول:
الهدنة نوعان: لازمة، وجائزة.
والذي يحكم به أنها لازمة أو جائزة مايقع في العقد بين الكفار والمسلمين.