ثبت في السنة ـ كما في سنن أبي داود ـ والحديث حسن وفيه عنعنة محمد بن إسحاق ـ لكن صرح بالتحديث في سنن البيهقي من حديث المسور بن مخرمة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صالح قريشا عشر سنين يأمن فيها الناس.
واختلف أهل العلم: هل يجوز الزيادة على عشر سنين؟ على ثلاثة قوال:
القول الأول: وهو قول الشافعية والحنابلة.
أنه لايجوز ذلك.
لأن الله أمرنا بقتالهم قال تعالى:[وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة]
وغيرها من الآيات الدالة على وجوب قتالهم. والهدنة تنافي القتال فلا يجوز فيها إلا ما وردت به السنة وهو عشر سنين.
القول الثاني:وهو قول الأحناف.
وهو جواز الزيادة على عشر سنين. وذلك إن ثبتت المصلحة في ذلك.
قالوا: لأن وضع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لها عشر سنوات هذا لامعنى له إلا أن في العشر مصلحة حينئذ وإلا فإن هذا العدد لا أثر له.
وهذا هو الأظهر. وأن إقامة الهدنة مع الكفار أكثر من عشر سنوات جائز وذلك إذا ثبتت المصلحة في ذلك.
القول الثالث:
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ جواز الهدنة مطلقا لكن بشرط أن تكون الهدنة يجوز نقضها وإن كان ذلك ولا بد مسبوقا بإعلام.
وهذا قوي وذلك لأن العقد والهدنة لازمة، فليس للكفار أن ينقضوا وليس للمسلمين أن ينقضوا. أمّا والعقد جائز فإن هذا لامفسدة فيه فمتى رأى المسلمون من أنفسهم القوة على قتال الكفار فحينئذٍ ينقضون ما بينهم وبين الكفار ويعلنون هذا للكفار لاحرج في مثل هذا العقد.