للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:} مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا { (١)

الهدنة

هي عقد يقيمه الإمام أو نائبه مع الحربيين مدة محدودة من الزمن بعوض أو بغير عوض وفيها مسائل:

* المسألة الأولى: الدُّور دارن

أن الدور داران؛ دار إسلام ودار كفر.

فدار الإسلام: هي التي يُحكم فيها بالإسلام.وإن كان أكثر أهلها يهودا أو نصارى.

وأما دار الكفر: فهي الدار التي لايحكم فيها بشرع الله وإن كان أكثر أهلها مسلمين.

ودار الكفر قسمان:

الأولى: دار حرب: وهي التي ليس بين المسلمين وبينها عقد ولا ذمة.

الثانية: دار عهد: وهي التي بينها وبين المسلمين عهد.

هكذا قسم الفقهاء الدور.

فإذا عقد الإمام مع دار الحرب عقدا لمدة زمنية محدودة سواء بعوض أم بغير عوض فهذه هي الهدنة.

* المسألة الثانية: هل تجوز الهدنة مع الكفار بعوض؟

لا إشكال أنه يجوز أن يكون العوض من الكفار فإنه من جنس الجزية.

لكن: هل يجوز أن يكون العوض من المسلمين؟

القول الأول:

وهو المشهور في مذهب أحمد والشافعي: أن ذلك لا يجوز.

وهذا ظاهر؛ فإن فيه ذلة وصغارا. وهو من جنس الجزية ولا يجوز للمسلمين أن يرضوا بالصغار والذلة وقد أظهرهم الله.

ويستثنى من ذلك ـ كما قرره الموفق وغيره ـ إذا اضُطر المسلمون إلى ذلك فإن الضرورات تبيح المحرمات.

فإذا خشي المسلمون على أنفسهم وأموالهم وذراريهم وبلادهم وكان للكفار سطوة وقوة والمسلمون على ضعف فيجوز إقامة الهدنة بعوض من المسلمين من باب الوقوع في المفسدة الصغرى دفعا للمفسدة الكبرى.

* المسألة الثالثة: في مدة الهدنة


(١) ـ (فتح: ٢٩٣٠، ك: الجزية. ب: إثم من قاتل معاهدا بغير جزم)

<<  <  ج: ص:  >  >>