للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا ما يسمى بتصرف الفضولي، فإذا باع ملك غيره بغير إذنه، كأن يبيع عمرو مالا لزيد بغير إذن زيد، أو اشترى بعين ماله بلا إذنه، كأن يكون عنده دنانير أو دراهم لزيد فاشترى سلعة من السلع لزيد، فإن هذا التصرف يسمى تصرف الفضولي، ولا يصح، وعليه فالبيع باطل، وهذا هو مذهب الشافعي والحنابلة، واستدلوا بحديث حكيم بن حزام: (لا تبع ما ليس عندك) ، وذهب المالكية وهو رواية عن أحمد إلى صحة البيع بشرط الإجازة، فإذا أجازه بأن قبل البيع أو الشراء فإن البيع يكون لزيد، وإن لم يقبل ذلك فإن البيع يبطل، وهذا القول هو الراجح، ودليله ما رواه الإمام أحمد في مسنده والبخاري في صحيحه وأبو داود والترمذي وابن ماجة في سننهم من حديث عروة البارقي: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه دينارا يشتري به أضحية أو شاة فاشترى شاتين فباع إحداهما بدينار فأتاه بشاة ودينار فدعا له بالبركة في بيعه، فكان لو اشترى ترابا لربح) [حم ١٨٨٦٧، خ ٣٦٤٣، جه ٢٤٠٢، د ٣٣٨٤، ت ١٢٥٨] وهذا هو تصرف الفضولي، ومع ذلك فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أجازه على ذلك وأقره، وهذا القول هو الراجح في هذه المسألة، وأن بيع الفضولي وإن كان البيع من غير المالك فإنه بيع صحيح لكنه موقوف على الإجازة، ويلزم بشرط الإجازة من صاحب المال، فإن لم يجزه فإن البيع يبطل، ويجاب عن استدلال أهل القول الأول بحديث حكيم بأن حديث عروة يصح أن يكون مخصصا للمسألة السابقة، وأن من باع ما لا يملك فإنه يتوقف اللزوم على إذن المالك، والمعنى يدل على هذا، فإن المنع إنما هو لحق المالك، وحيث أجازه فقد أسقط حقه ورضي به.

قوله [وإن اشترى له في ذمته بلا إذنه ولم يسمه في العقد صح له بالإجازة وإلا لزم المشتري بعدمها ملكا]

<<  <  ج: ص:  >  >>