فإذا أراد أن يستأجر دارا ليسكنها فإن كيفية الانتفاع بها بالسكنى معروفة بالعرف، ولذا فليس له سوى ما دل عليه العرف، فليس له أن يجعلها مخزنا للطعام، أو أن يضع فيها دوابا أو غير ذلك، وله أن يكرم فيها ضيفه ونحو ذلك، لأن العرف قد دل عليه، وإن كانت هذه الدار فيها مساحة، وقد قام العرف على جواز وضع الدواب فيها فإنها توضع.
قوله [وخدمة آدمي]
فعندما يستأجر عاملا ويقول: أريد أن تعمل عندي شهرا، فإن تحديد زمن هذه الخدمة من الليل والنهار معروف في العرف، فإنه يكون من صلاة الفجر - مثلا - إلى المغرب في عرف بعض الناس أو بعض العمال، وهذا يختلف باختلاف الأزمان واختلاف العمال.
قوله [وتعليم علم]
فإذا استأجره لتعلم منه علما سواء كان علما شرعيا أو كان علما دنيويا - وسيأتي الكلام على أخذ الأجرة على العلم الشرعي -، فإذا استأجره ليتعلم منه علما فهذا معروف في العرف.
وقد تكون المنفعة معروفة بالوصف وذلك إن لم يكن هناك عرف، فإذا استأجره لبناء دار أو حائط، ونحو ذلك فإنه يحدد له طوله وعرضه وطريقة البناء ومواد البناء التي يختلف باختلافها البناء ونحو ذلك، وإذا أراد أن يستأجره لحفر بئر حدد له عمقها وعرضها وطولها ونوعية الأرض ونحو ذلك، والمقصود أن تكون المنفعة المستأجرة معلومة محددة إما بعرف أو وصف، ودليل ذلك أن الإجارة بيع، فهي بيع منفعة، ومن شروط البيع معرفة المبيع، وهنا كذلك من شروط صحة الإجارة معرفة المنفعة المستأجرة.
قوله [الثاني: معرفة الأجرة]
كالبيع، وهذا باتفاق العلماء، وذلك لأن معرفة الثمن في البيع شرط، فكذلك في الأجرة، كأن يقول: استأجرت منك هذه الدار بعشرة آلاف كل سنة.