فيصح أن يستأجر أجيرا ليعمل له وتكون أجرته هي سكناه وطعامه وكسوته، فهذا جائز، وكذلك يجوز أن يستأجر مرضعة وتكون الأجرة طعامها وكسوتها، ودليل ذلك قول الله تعالى {وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف} فعلى المولود له وهو ولي الرضيع أن يكسو وأن يرزق المرضعة، وليس هذا للزوجة، لأن الله عز وجل قد جعل أجرة للرضاعة، وكذا أوجبه على الوارث غير الزوج فقال تعالى {وعلى الوارث مثل ذلك} ، فدل على أن هذا الرزق والكسوة من الزوج ليس بسبب الزوجية، وإنما هو بسبب الرضاع فهو أجرة على الرضاع، وكذلك الأجير كما تقدم، وروى ابن ماجة بإسناد ضعيف جدا - فإن فيه بقية بن الوليد وفيه سلمة وهو رجل ضعيف جدا - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(إن موسى قد أجر نفسه ثماني سنين أو عشرا على عفة فرجه وطعام بطنه)[جه ٢٤٤٤] والحديث لا يصح، لكن الأجير يقاس على الظئر.
فإن قيل هذه الأجرة مجهولة، وقد شرطنا في الأجرة أن تكون الأجرة معلومة؟
فالجواب: أنها ليست مجهولة، بل هي معلومة، فإن مرجع ذلك إلى العرف، والعرف يدل عليها، فيمكننا أن نحدد هذه الكسوة وهذه النفقة بالعرف.
* هل يجوز أن يستأجر دابة وتكون الأجرة علفها أو أن يحدد لها شيئا من المال مع تعليفها، كأن يقول: استأجر منك هذه الدابة وأجرتها أن أعلفها عنك، أو يقول: وأجرتها كل يوم درهم، وأن أعلفها عنك، فهل يجوز ذلك؟
الجواب: منع الحنابلة من ذلك في المشهور عندهم للجهل، قالوا: علفها مجهول، سواء كان منفردا بالإجارة، أو كانت هناك أجرة مضافة إليه، وعن الإمام أحمد أنه يصح، وهو اختيار شيخ الإسلام وجمع من أهل العلم، وهو القول الراجح، وذلك لأن هذا معروف بالعرف، فالعرف يقوم مقام التسمية، فكما أجزناه في الظئر وفي الأجير فكذلك في الدابة.
قوله [وإن دخل حماما أو سفينة أو أعطى ثوبه قصارا أو خياطا بلا عقد صح بأجرة العادة]