للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمثل هذه يجوز أن يأخذ عليها الأجرة بلا خلاف بين أهل العلم، وإنما وقع الخلاف على أخذ الأجرة على الأعمال التي لا تختص بأن يكون فاعلها نم أهل القربة، ولا خلاف بين العلماء أن الرزق الذي يكون من بيت مال المسلمين كالرواتب التي تكون للخلفاء والقضاة والعلماء وغيرهم لا خلاف بينهم أن هذا جائز عند الحاجة، وأما إذا كان آخذه غنيا غير محتاج إليه فقولان لأهل العلم كما حكى ذلك شيخ الإسلام، والجمهور على الجواز، ويدل عليه جواز أخذ الغنيمة للمجاهد الغني، فقد تقدم في كتاب الجهاد أن المجاهد الغني يجوز له أن يأخذ الغنيمة وأن يعطى من النفل فكذلك هنا وهو مذهب جماهير العلماء، وهذا هو الأظهر، ولا نزاع بين أهل العلم على أن الأعمال التعبدية اللازمة كالصلاة والصوم والحج عن النفس وغير ذلك أنها لا تجوز فيها أخذ الأجرة وذلك لأنه لا نفع للغير فيها، فنفعها لازم لصاحبها فلا وجه لأخذ الأجرة عليها، فإن أخذ الأجرة إنما يكون عوضا عن نفع يقع للغير، وهنا لا نفع يقع للغير، واتفق العلماء على أنه يجوز أخذ الأجرة على الرقية لأنها نوع تداوي لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله) رواه البخاري [خ ٥٧٣٧] ، واختلف أهل العلم في أخذ الأجرة على ما سواه مما تقدم، أي أن يأخذ أجرة من الناس لا من بيت المال على قضاء يقضيه بين الناس، أو على عقد الأنكحة لهم، أو على تعليم الناس القرآن أو السنة أو الفقه ونحو ذلك من العبادات المتعدية، فمنع من ذلك الأحناف والحنابلة، واستدلوا بما رواه أبو داود وابن ماجة والحديث حسن لغيره عن عبادة بن الصامت أنه علم رجلا من أهل الصفة شيئا من القرآن، فأهدى له قوسا، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال: (إن سرك أن تطوق بها طوقا من نار فاقبلها) [حم ٢٢١٨١، د ٣٤١٦، جه ٢١٥٧] وله شاهد عند ابن ماجة من حديث أبي بن كعب بإسناد ضعيف [جه ٢١٥٨]

<<  <  ج: ص:  >  >>