للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وآخر بإسناد لا بأس به من حديث أبي الدرداء عند البيهقي [هق ٦ / ١٢٦] وعلى ذلك فالحديث حسن لطرقه أولا، ولشواهده ثانيا، وهذا السوط وإن كان هدية لكنه مقابل لهذا النفع حيث علمه شيئا من القرآن فكان بمعنى الأجرة، وأجاز المالكية والشافعية أخذ الأجرة على ذلك، وهو رواية عن الإمام أحمد، واستدلوا بحديث: (إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله) قالوا: فنقيس هذه المسائل المختلف فيها على جواز أخذ الأجرة على الرقية، وأجاب أهل القول الأول بأن أخذ الأجرة على الرقية باب آخر، فإن الرقية نوع من أنواع الطب، فكان أخذها كالطب، فإن فيها مداواة، لما فيها من العمل من نفث وغير ذلك، واستدلوا أيضا بما رواه البخاري ومسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لخاطب المرأة: (ملكتكها بما معك من القرآن) [خ ٥٠٣٠، م ١٤٢٥] فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - صداق هذه المرأة أن يعلمها ما معه من القرآن، فيكون صداقها هو تعليمها القرآن، فدل هذا على جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن، وأجاب أهل القول الأول عن هذا الدليل بأن هذا من باب الإكرام له لا من باب الصداق، وهذا الجواب ضعيف، وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له كما في رواية مسلم: (فعلمها القرآن) [م ١٤٢٥] فدل على أنه ليس لإكرامه فحسب بل ليعلمها القرآن، وأجابوا عنه أيضا بأن هناك فارقا بين عوض النكاح وعوض الأجرة، فعوض النكاح لا يجب تسميته عند العقد ولها مهر مثيلاتها، وأما الإجارة فكما تقدم أنه يشترط فيها تسمية الأجرة، وهذا التفريق ضعيف، وذلك لأننا نجيز على الراجح الإجارة إذا لم تسم حيث كان هناك عرف، فإذا استأجر شيئا ولم يذكر في العقد أجرته وكان له أجرة في العرف فإن الإجارة تصح، إذن لا يصح رد على هذا الحديث الصحيح، وفيه جواز أخذ الأجرة على العمل الصالح، والقول الثالث في هذه المسألة وهو رواية عن الإمام أحمد وهو اختيار شيخ

<<  <  ج: ص:  >  >>