للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستدلوا: بما رواه الحاكم في مستدركه بإسناد حسن وقد حسنه الحافظ ابن حجر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس عليكم في غَسْل ميتكم غُسْل [إذا غسلتموه] ، فإن ميتكم ليس بنجس فحسبكم أن تغسلوا أيديكم) (١) .

قالوا: والأصل ثبوت الطهارة وبقاؤها، وما ورد عن ابن عباس وابن عمر لا يتعين أن يكون ذلك للوجوب حتى نبقى على هذا الأصل، ويقوي هذا الأصل الحديث المتقدم وفيه: (فحسبكم أن تغسلوا أيديكم) (٢) . وهذا القول هو الراجح.

ومع ذلك فإنه يستحب أن يتوضأ لما تقدم من الآثار قال شيخ الإسلام: " وأما الاستحباب فمتوجه ظاهر ".

ومثل ذلك الغسل من غسل الميت، فكذلك لا يجب وإنما يستحب، وقد روى الخمسة من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من غَسل ميتاً فليغتسل ومن حمله فليتوضأ) (٣) والحديث صحيح، وقد أعله بعض الحفاظ بالوقف لكن الحديث له طرق كثيرة حتى ذكر ابن القيم أن له أحد عشر طريقاً عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال: " وهذه الطرق تدل على أنه محفوظ ".

قال الخطابي: " ولا أعلم أحداً من الفقهاء قال بوجوب الغُسل من غَسل الميت ولا بالوضوء من حمله ويشبه أن يكون ذلك للاستحباب ".


(١) أخرجه الحاكم في مستدركه في كتاب الجنائز [١ / ٣٨٦] وقال: " صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه " ورواه البيهقي [١ / ٤٥٧] موقوفاً على ابن عباس وقال: " وروي مرفوعاً ولا يصح رفعه ".
(٣) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز، باب في الغسل من غسل الميت (٣١٦١) ، والترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الغسل من غسل الميت (٩٩٣) ، وابن ماجه في كتاب الجنائز باب (٨) ما جاء في غسل الميت (١٤٦٣) ، وأحمد: ٢ / ٢٨٠، ٤٣٣، ٤٥٤، ٤٧٢، و ٤ / ٣٤٦، سبل السلام [١ / ١٤٤] .