وهو كالوصية فللسيد أن يبيعه وقد دبره وله أن يهبه، وله أن يوقفه كالوصية، فكما أن الوصية له أن يرجع فيها وله أن يهبه أو يوقفها فكذلك في المدبر، وفي الصحيحين: " أن رجلاً من الأنصار أعتق غلاماً له عن دبر ولم يكن له مال غيره، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فباعه بثمانمائة درهم ".
فالمقصود أنه يجوز بيع المدبر كالوصية.
الدرس الثامن عشر بعد الثلاثمائة
باب الكتابة
قال رحمه الله: [وهي بيع عبده نفسه بمال مؤجل في ذمته]
أي: أن يشتري العبد نفسه من سيده بمال مؤجل.
قال تعالى: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً}
فالكتابة هي: أن يبيع السيد عبده لنفسه على ثمن مؤجل على أنجم أو أقساط شهرية أو سنوية أو نحو ذلك.
وهو مشتق من الكتب وهو الجمع، وذلك لأنه يجمع على أنجم أي على أقساط.
وقيل: إنما سمي كتابه لما يقع بين السيد وعبده عند العقد من الكتابة.
قال الحنابلة: لا يصح إلا أن يكون العوض في الكتاب مؤجلاً على نجمين فأكثر فلو كان إلى سنة فيعطيه المال كله لم يصح، فلا يصح إلا أن يكون على نجمين أي على قسطين، هذا هو المشهور في المذهب.
والقول الثاني في المسألة وهو اختيار طائفة من أصحاب الإمام أحمد، وقال صاحب الفائق: وهو ظاهر كلام الإمام رحمه الله، وهو القول الراجح في هذه المسألة: أنه يصح على نجمٍ واحدٍ، فلو اشترى نفسه على نجم واحد فإن ذلك جائز، وهو القول الراجح، إذ لا مانع من ذلك، وليس مع من يمنع دليل يدل على دعواه.
قال: [وتسن]
فالكتابة سنة وهو مذهب جمهور العلماء واستدلوا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه) .
قالوا: فالعبد مال امرئ مسلم فلم يخرج عن ملكيته إلا بطيب نفس منه، وعليه فحملوا الأمر في الآية المتقدمة على الاستحباب (فكاتبوهم) أي على وجه الاستحباب.