للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن الإمام أحمد رواية وهي مذهب الظاهرية وهو قول طائفة من التابعين واختاره ابن جرير الطبري: أن الكتابة واجبة وعليه فيجبر السيد عليها بقيمة العبد، فيقوم العبد قيمة عدل ويجبر السيد على الكتابة.

واستدلوا بالآية الكريمة: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً} ، قالوا وظاهر الأمر الوجوب.

وأما قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه) فقالوا: الكتابة على سبيل المعاوضة، فهو يجبر على بيع عبده ويأخذ عوض ذلك، قالوا: وليست أولى من سراية العتق، فإن العتق تقدم أنه يسري فيجبر السيد على خروج ملكيته عنه بالكلية وهو إنما أعتق بعضه كأن يعتق ثلثه مثلاً فإنه يعتق كله، فإذا سرى العتق إلى البقية بلا عوض فأولى من ذلك بعوض.

والشارع متشوف إلى العتق وتحرير النفوس وتخليصها من العبودية.

وعليه فالراجح هو القول الثاني.

وقياس هذا كما قال شيخ الإسلام: إذا قال قائل للسيد، أعتق عبدك وعلي ثمنه، فيجب عليه أن يعتقه كالمكاتبة.

قال: [مع أمانة العبد وكسبه]

فهي إنما تسن – وعلى القول الراجح إنما تجب - مع أمانة العبد وكسبه، لقوله تعالى: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً} ، وظاهره أنه إن لم يعلم فيهم خيراً أي إن علم فيهم شراً وفساداً فإن الكتابة لا تشرع، وهذا كالعتق كما تقدم، فإذا كان في الكتابة تضييع للعبد واحتياج في الناس أو إفساد في الأرض فإن الكتابة لا تشرع، فقد شرط الله ما تقدم {إن علمتم فيهم خيراً} ، فإذا ثبتت المكاتبة، فإن المكاتب أي العبد يملك كسب نفسه ونفعها، وله أن يتصرف فيما يصلح ماله من بيع وإجارة ونحو ذلك لأن هذا هو مقتضى عقد الكتابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>