فإن الكتابة إنما عقدت ليتحصل من خلالها على عتق نفسه، ولا يمكن ذلك إلا أن يمكَّن من كسب نفسه ونفعها وأن يتصرف في ماله بما فيه مصلحة، وأما ما ليس فيه مصلحة فليس له أن يتصرف فيه إلا بإذن سيده، كما ثبت في سنن أبي داود بإسناد حسن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(المكاتب عبد ما بقي عليه من مكاتبته درهم) ، فهو قن وعبد فليس له أن يتصرف إلا بما ينفع في عتقه، أما أن يتصرف بما لا مصلحة فيه بأن يبذر ماله أو أن يدخل في تجارة يخش من الدخول فيها فلا بد من إذن السيد لأن ما بيده مال لسيده في الأصل وإنما أذن له بأن يعمل ليتمكن من عتق نفسه، فكان المأذون له هو ما يكون فيه مصلحة للمال.
قال:[ويجوز بيع المكاتب]
فلو أن رجلاً كاتب عبده على عشرة آلاف ريال في كل شهر ألف ريال، فبعد أن أخذ منه قسطاً أو قسطين أو ثلاثة أراد بيعه فيجوز البيع لأنه رقيق له وعبد له، وفي الصحيحين أن بريرة قالت لعائشة إني كاتبت أهلي على تسع أواقٍ في كل عام أوقية فأعينيني .... الحديث .... وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(إشتريها واشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق) ، والشاهد قوله إشتريها وهي مكاتبة، فدل على أن المكاتب يجوز بيعه ولكن:
قال:[ومشتريه يقوم مقام مكاتبه]
فالمشتري يقوم مقام المكاتب فإذا بقي سبعة أقساط فإن المكاتب يسددها له فلا يستأنف الأقساط من جديد بل يسدد ما بقي منها، وليس له أن يبطل الكتابة على الراجح، بل تبقى الكتابة ويدفع له المكاتب ما تبقى من الأنجم.
قال:[فإن أدى عتق]
إذا أدى المكاتب ما عليه من المال فإنه يعتق
قال:[وولاؤه له]
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اشتريها واشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق) ، وعليه فيكون الولاء للمشتري.