وأرجحها أن المراد به الوطء وهو تفسير ابن عباس ولا أعلم له مخالفاً، وقد رواه عنه ابن جرير في تفسيره واختاره، وحكي الإجماع على أن الدخول هنا لا يراد به الخلوة وهذا الإجماع يصرفنا عن تفسير الدخول بالخلوة ولكن تقدم ما روي عن الإمام أحمد في هذا الباب، ولكن مع ذلك يرجحه من جهة أخرى تفسير ابن عباس، والوطء ثابت في الوطء بالقبل بلا ريب.
وهل يثبت بوطئها في الدبر أم لا؟
المشهور في المذهب أنه يثبت بوطئها بالدبر قياساً على وطئها بالقبل
وقال بعض الحنابلة لا يثبت الدخول بذلك حتى يطأها بالقبل وذلك لأن الله إنما حرّم بالمباح فهو الدخول المباح وهو وطؤها في قبلها، ووطؤها في دبرها محرم والمحرم مباين أعظم المباينة للنكاح وهذا هو الراجح
قال [فإن بانت الزوجة أو ماتت بعد الخلوة أبِحن]
إذا بانت الزوجة أي إذا طلقها بعد الخلوة وقبل الدخول فإن ابنتها حلال له للآية المتقدمة (فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم) وهو لم يطأها وكذلك إذا خلا بها ثم ماتت قبل أن يدخل بها فإن ابنتها تحل له وذلك للآية المتقدمة لأنه لم يدخل بها وكونها قد ماتت فإن موتها ليس في حكم الدخول بها.
إذن: المحرمات بالمصاهرة أربع كلهن يحرمن بمجرد العقد إلا الربيبة أي بنت الزوجة فإنها لا تحرم إلا بالوطء. واختلف أهل العلم في قوله تعالى (وربائبكم اللاتي في حجوركم) هل هذا القيد له مفهوم أو لامفهوم له؟
فقالت: الظاهرية وهو قول علي بن أبي طالب كما في مصنف عبد الرزاق وقال الحافظ إبن كثير (إسناده ثابت قوي) وقال (هو غريب جداً) أي على علي بن أبي طالب وهو أن هذا القيد معتبر فعلى ذلك لا تحرم عليه إلا إذا كانت في حجره. وقد قال ابن كثير حدثنا شيخنا الذهبي أنه سأل الإمام تقي الدين ابن تيميه عن هذا الأثر فاستشكله وتوقف في ذلك.