القول الثاني وهو قول عامه أهل العلم: أن القيد هنا لا مفهوم له وإنما هو يجري مجرى الغالب وذلك لأن الغالب أن بنت الزوجة تكون في حجره ويدل على ذلك أن كونها في حجره ليس بمؤثر شرعاً فإن الرجل لو ربى بنتاً كأن يربي بنت عمه أو بنت خاله فإنها لا تحرم عليه. فدل هذا على قوة ما ذهب إليه جماهير أهل العلم من أن هذا القيد لا مفهوم له، وأما الأثر فضعفه ابن المنذر والطحاوي.
وكذلك ما كان من نكاح شبهة، فإذا وطئ رجل امرأة في نكاح شبهة ولها بنت فإنها تحرم عليه، وهذا بالإجماع، وهل تحرم عليه بنت من زنى بها؟
قال الحنابلة: تحرم عليه قياساً على النكاح.
القول الثاني في المسألة، وهو المشهور في مذهب الشافعية والمالكية أنها لا تحرم عليه واختاره شيخ الإسلام والشيخ عبد الرحمن بن سعدي وهو القول الراجح، إذ لا يصح –كما قال الشيخ عبد الرحمن – قياس السفاح بالنكاح بوجه من الوجوه، وأيضاً فإن الله عز وجل إنما حرم أم الزوجة وبنت الزوجة وزوجة الأب وزوجة الابن والمزني بها ليست بزوجة فلا تثبت لها هنا الأحكام، فإذا زنا الأب بامرأة فإنها لا تكون زوجة له فتحرم على إبنه , ومن غرائب العلم أن المشهور في مذهب الحنابلة أن اللواط تنتشر به الحرمة , وأن الرجل إذا فعل بآخر حرمت عليه أم المفعول به وابنة المفعول به وهكذا، وهذا من غرائب العلم وهو من القياس الباطل البعيد، وهذا من مفردات المذهب، وخالف في هذه المسألة أبو الخطاب من الحنابلة والموفق ابن قدامه.
الدرس السادس والعشرين بعد الثلاثمائة
فصل
قال:[وتحرم إلى أمدٍ معتدته وأخت زوجته وبنتاهما وعمتاهما وخالتاهما]