، والمكره إنما تلفظ بالطلاق لا لقصده وإنما لدفع الأذى الحاصل عليه، وقد قال ابن عباس كما في البخاري:" الطلاق عن وَطَر "(١) ، أي قصدٍ، وهو قول عمر وعلي وابن عمر وابن عباس وابن الزبير كما روى ذلك ابن حزم في المحلى.
وقول المؤلف " ظلماً " يخرج ما لو أكره عليه بحق فإن الطلاق يقع، كإكراه الحاكم المولي بالطلاق إن أبى الفيئة.
قوله:" بإيلام له ": أي بضرب أو سجن طويل أو خنق أو غير ذلك، وأما إن كان ضرباً يسيراً فإن الإكراه معه لا يعذر به؛ وذلك لأنه لا يحتاج معه إلى الطلاق، هذا إن كان ممن لا يبالي به، وأما إن كان من ذوي المروءة الذين يؤذيهم ذلك أذىً عظيماً ويلحقهم ذلك إشهاراً وحطة عند الناس فإنهم يعذرون بذلك.
قوله:" أو لولده ": فإذا كان الإيلام بالسجن أو الضرب الشديد لولد فكذلك، فيتوجه - كما قال ابن رجب - أن يكون كذلك في كل من يُلحق مشقة عظيمة في أذاه، من ولدٍ أو والدٍ أو زوجٍ أو صديقٍ، وذلك لحصول الإكراه، فيدخل ذلك في عمومات الأدلة.
قوله:" أو أخذ مال يضره ": أي ضرراً كثيراً.
قوله:" أو هدده بأحدها: " أي بأحد المذكورات، فإذا هدده بأن يؤلمه إيلاماً شديداً أو يأخذ من ماله ما يضر به ضرراً كثيراً، أو بأن يؤلم ولده أو والده أو زوجته أو صديقه، فإذا هدد بذلك فإن طلاقه لا يقع، ففي الكلام السابق حيث يقع المذكور وهنا لم يقع المذكور وإنما هدد به.
قوله:" من قادر ": من سلطان أو متغلب كلص ونحوه.
(١) ذكره البخاري في كتاب الطلاق، باب الطلاق في الإغلاق والكره بلفظ: " وقال ابن عباس: الطلاق عن وطر، والعَتَاق ما أريد به وجه الله ".