للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصورة الثالثة: وهي التي اختلف فيهـ[ـا] أهل العلم وهي أن يطلق وهو في الغضب المتوسط، أي الذي قد تعدى مبادئ الغضب ولم يصل إلى منتهاه، فالغضب ثابت والعقل لم يَزُل، فقد اختلف فيه أهل العلم:

١.فالمشهور عند الحنابلة وغيرهم وقوع الطلاق.

٢. واختار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم؛ عدم وقوع الطلاق.

وصفة الغضب المتوسط: أن يكون الغضب قد استحكم في الغاضب وأصبح غير كامل القصد، بل أصبح الغضب يتصرف فيه فيسكته وينطقه كما قال تعالى: {فلما سكت عن موسى الغصب} (١) ، فقصده ضعيف، بل هو غير كامل وتصوره غير تامٍ، بحيث أنه يقدم على الشيء ثم يندم عليه، والراجح هو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم، وذلك لقوله - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه أبو داود وغيره: (لا طلاق ولا عتاق في إغلاق) (٢) ، والإغلاق؛ هو انسداد باب العلم والقصد، ويدخل فيه السكران والمكره والمجنون والمعتوه وأيضاً الغضبان بل قد فسر الإمام أحمد والشافعي وأبو داود قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (في إغلاق) فسروه بالغضب، وفسره أبو عبيدة بالإكراه، والصحيح شموله لهما ولغيرهما مما تقدم، وهذا الرجل الغضبان الذي قد طلق، والغضب يسكته وينطقه وقد استحكم به وانتشر وهو غير تام القصد، هذا قد انغلق عليه تمام قصده فلم يقع طلاقه، وقد قال ابن عباس رضي الله عنه: " الطلاق عن وَطَر " (٣) ، وهذا ليس عن وَطر فليس عن قصدٍ تام، وقد نصر ابن القيم هذا القول بأدلة كثيرة من الكتاب والسنة، والنظر، في كتابه " إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان ".

قال: [ووكيله كهو]


(١) في سورة الأعراف {ولما سكت عن موسى الغضبُ..} الآية رقم (١٥٤) .
(٢) تقدم.
(٣) ذكره البخاري معلقاً كما تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>