القول الثالث في المسألة، وهو اختيار الموفق ابن قدامة: أنه من كنايات الطلاق، وهذا القول أظهر، والذي يدل على هذا أن هذا الفعل منه يحتمل الطلاق وليس صريحاً بدلالة احتياجنا إلى التقدير المتقدم فلو كان صريحاً لما احتجنا إلى التقدير المتقدم.
رابعاً: في المذهب، إذا أشركها مع من صرح بطلاقها، إذا قال لامرأته الثانية وقد طلق الأولى:" قد شاركتك في طلاق أختك "، أي في طلاق زوجتي الأولى، فهذا من الطلاق الصريح.
خامساً: كل لغة من اللغات يتلفظ بها الشخص وهو يفهم المعنى، فإذا تلفظ الفارسي بكلمة في الفارسية هي صريحة في الطلاق فإن الطلاق يقع مع ذلك، وأما إذا تلفظ بلفظ من ألفاظ الطلاق بلغة ما وهو لا يفهم المعنى من هذا اللفظ فإن الطلاق لا يقع وذلك لأنه غير مختار للطلاق، فهو غير مختار للفظ وغير مريد له فأشبه المكره.
قال:[أو ألك امرأةٌ فقال: لا، وأراد الكذب فلا]
فلو سُئل ألكَ امرأةٌ فقال: لا، وأراد الكذب فلا يقع الطلاق وذلك لأن هذا القول منه كناية والكناية تحتاج إلى نية.
فصل
هذا الفصل في كنايات الطلاق، وله كنايتان:
كناية ظاهرة: وهي الألفاظ التي يفهم منها البينونة.
كناية خفية: هي الألفاظ التي لا يفهم منها البينونة.
بتلةٌ: البتلة مقطوعة الوصل أي مقطوعة الوصل مني، قوله:" أنت حرج " أي أنت الإثم والحرام، بمعنى أنت حرام علي، أو قال:" لا سبيل لي عليك " أو " حبلك على غاربك " أو " تقنعي مني " أو " غطي شعرك " أو نحو ذلك.
قال:[والخفية نحو اخرجي، واذهبي، وذوقي، وتجرَّعي، واعتدي، واستبرئي، واعتزلي، ولست لي بامرأةٍ، والحقي بأهلك، وما أشبهه]