تجرعي: أي تجرعي مرارة الطلاق والفراق والطلاق، وقد تقدم اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم: أن مرجع ذلك إلى العرف في الصريح والكناية.
قال: [ولا يقع بكناية ولو ظاهرة طلاق إلا بنية مقارنة للفظ]
فالكناية لا يقع معها الطلاق إلا بالنية أو دلالة الحال، لا فرق في هذا الحكم بين الكناية الظاهرة والكناية الخفية.
وقول المؤلف: " ولو ظاهرة ": إشارة إلى خلاف وهو خلاف الإمام مالك ورواية عن الإمام أحمد: أن الكناية الظاهرة يقع معها الطلاق بلا نية، قالوا: لأن الكنايات الظاهرة تستعمل في الطلاق في العرف.
والراجح هو قول الجمهور وذلك لأن هذه الألفاظ تحتمل الطلاق وتحتمل غيره فلم يتعين الطلاق إلا بنية أو قرينة.
قال: [إلا حال خصومة أو غضب أو جواب سؤالها]
الكناية الظاهرة والخفية لا يقع معها الطلاق إلا بنية، فإن كانت هناك دلالة الحال تدل على النية، وقد نفى هو النية كأن يكون ذلك حال خصومة أو غضب.
فمثلاً: رجل قال لامرأته في حال خصومة أو غضب " أنت بائن ولا سبيل لي عليك " ونحو ذلك.
أو كان جواب سؤالها، كأن تقول له: طلقني، فقال: " أنت حرة " أو قال " أنت بتة " فهنا يقع الطلاق وإن قال: " أنا لم أنو "، فذلك لدلالة الحال بأن هذه الألفاظ يظن معها في الأصل الطلاق فلما وجدت دلالة الحال كان الظن قوياً غالباً.
قال: [فلو لم يرده أو أراد غيره في هذه الأحوال لم يقبل حكماً]
فإن لم يرده أو أراد غيره في الأحوال المتقدمة لم يقبل هذا في الحكم، لأن الحكم إنما ينظر فيه للظاهر، وهذه الألفاظ التي تلفظ بها مع قرائن الأحوال تدل في الظاهر على الطلاق، لكن لو كان في الباطن لا يريد ذلك ولم يترافعا للقاضي فإنه يدين بنيته فيما بينه وبين ربه.
قال: [ويقع مع النية بالظاهرة ثلاثٌ]
فلوا أن رجلاً قال لامرأته: " أنت بائن " ونوى الطلاق فإنه يقع ثلاثاً في المذهب، وذلك لأن هذا اللفظ يقتضي البينونة.