للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال الشافعية وهو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم وممن اختاره من المتأخرين الشيخ عبد الرحمن بن سعدي: أن الأيمان كلها باقية ولا حنث فيها مع الجهل والنسيان، [وكذا لو عقدها يظن صدقَ نفسه فبان خلاف ذلك أو لقصد الإكرام، قال شيخ الإسلام: "من حلف بالطلاق كاذباً يعلم كذب نفسه لم تطلق " أي لا يلزمه كفارة.] (١)

واستدلوا بقوله تعالى {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم} (٢) ، وبقوله تعالى {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} (٣) ، وبقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) (٤) .

قالوا: وهذه أدلة عامة ليس فيها استثناء.

قالوا: ويمين الطلاق ويمين العتاق المُغلَّب فيها حق الآدمي بل المرأة قد يكون أشد شيءٍ عليها ذلك، وهو فراق زوجها.

قالوا: ولأن حقيقة الحنث هو مخالفة اليمين، والمخالفة إنما تكون مع التعمد، وأما مع عدم التعمد، وعدم القصد فإنه ليس ثمت مخالفة، ولأن مقصود الحالف عدم مخالفته، وإذا خولف أو خالف هو نسياناً أو خطأً فإن مقصوده لا ينتقض، فإذا قال لامرأته: " إن خرجت من الدار فذهبتِ إلى السوق فأنت طالق " وهو يريد ألا تخالفه وألا تعصيه فإنها إذا فعلت ذلك نسياناً أو خطأً فإنها لا تعد عاصية ولا مخالفة؛ لأن العصيان إنما يكون مع التعمد.

وهذا هو الراجح في هذه المسألة.

أما إذا فعل ما حلف عليه مكرهاً:

- فقال الحنابلة: لا يحنث؛ وذلك لأن المكره لا يضاف إليه الفعل، فإذا قال لامرأته: " إن خرجت من الدار فأنت طالق " فأخرجت كرهاً فإنها لا تطلق؛ وذلك لأن المكره لا يضاف إليه الفعل.


(١) الزيادة ليست في الأصل.
(٢) سورة الأحزاب.
(٣) سورة البقرة.
(٤) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>