للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذلك النائم والمغمى عليه؛ لأن عقليهما قد غطيا بعذر، فإذا فعلت ذلك نائمةً أو مغمى عليها فإن الحنث لا يقع كما هو المشهور في المذهب، [وكذا لو عقدها يظن صدق نفسه أو للإكرام أو كاذباً فلا طلاق ولا كفارة.] (١)

قال: [وإن فعل بعضه لم يحنث إلا أن ينويه]

إذا قال: " إن دخلتُ الدارَ فزوجتي طالق " فدخل بعض بدنه إلى الدار، أو قال: " إن شربت ماء هذا الإناء فامرأتي طالق " فشرب بعضه فإنها لا تطلق؛ لأن فعل البعض ليس فعلاً للكل إلا أن ينويه، فإذا نوى منع نفسه من هذا الشيء كلية حتى القليل منه، فإن الأيمان مبناها على النية وإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فإن قال: " إن شربت هذا الماء الذي في الإناء فامرأتي طالق " وهو ينوي وقوع الطلاق ولو شرب بعضه، فإن شرب بعضه فإن زوجته تطلق عليه.

قال: [وإن حلف ليفعلنه لم يبرأ إلا بفعله كله]

وذلك لأن فعل البعض ليس فعلاً للكل وقد حلف أن يفعله كله، فلا يبرأ حتى يفعله كله.

الدرس الرابع والخمسون بعد الثلاثمائة

باب التأويل في الحلف

ومن التأويل في الحلف التأويل في حلف الطلاق.

قال: [ومعناه أن يريد بلفظه ما يخالف ظاهره]

هذا هو معنى التأويل في الحلف، هو أن يريد بلفظه ما يخالف ظاهره، فظاهر لفظه له معنى وهو يريد معناً آخر يحتمله اللفظ، كما لو قال: " نسائي طوالق " وهو لا يريد زوجاته بل يريد نساءه من عماته أو خالاته أو غيرهن.

والتأويل في الحلف جائزٌ إن كان دفعاً لظلمٍ، ففي سنن أبي داود بإسنادٍ صحيح عن سويد بن حنظلة قال: " خرجنا نريد النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعنا وائل بن حجر فأخذه عدوٌ له فتحرج القوم أن يحلفوا فحلفت أنه أخي فأخبرت بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: (صدقت، المسلم أخو المسلم) (٢) ، فظاهر قوله: " أخي" أنها أخوة النسب وهو يريد أخوّة الدين وقد فعله لدفع الظلم.


(١) هذه الزيادة ليست في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>