للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا شك لا يدري أطلَّق امرأته طلقتين أم طلقة، فاليقين أنها طلقة، والطلقة الثانية مشكوك فيها، واليقين لا يزول بالشك.

قال: [وتباح له]

أي تباح له هذه المرأة لما تقدم من أن الأصل بقاء عصمة النكاح، وهذا الطلاق مشكوك فيه.

قال: [فإذا قال لامرأتيه: إحداكما طالقٌ طلقت المنوية]

إذا قال لامرأتيه: إحداكما طالق ونوى فلانة منهما [مبهماً] (١) ، فإن المنوية تطلق عليه؛ لأنه قد عيَّنها بنيته، فلفظه مبهمٌ لكن نيته معينة.

قال: [وإلا من قرعت]

وإلا: أي إن لم ينوِ إحداهما فإنه يوضع بينهما القرعة، والقرعة طريقٌ شرعي لإخراج المجهول، فالحق لواحدة منهما غير معينة فوجبت بالقرعة، أي وجب حقها بالقرعة، فيضع بينهما القرعة فمن خرجت عليها القرعة فهي الطالقة بتلك اللفظة التي تلفظ بها.

وقال الشافعية والأحناف: بل يتخير أيتهما شاء، قالوا: لأنه له ابتداءً إيقاع الطلاق وتعيينه، وهنا قد أوقعه ولم يعينه فبقي له حق التعيين استيفاءً لملكه.

والأرجح هو القول الأول؛ وذلك لأنه حق لإحداهما من غير تعيين فوجب بالقرعة كالسفر ببعض النساء، وتقدم لأنه ليس له أن يسافر بإحدى نسائه إلا بقرعة.

فأما ما ذكروه فهو ضعيف؛ وذلك لأنه يملك الطلاق قبل إيقاعه وأما بعد أن أوقعه فإنه ليس له فيه أي ملك، وكان له حق التعيين مع الإيقاع وأما وقد أوقعه ولم يعيِّن فقد خرج عنه حق التعيين.

قال: [كمن طلق إحداهما بائناً ونسيها]

رجل طلق إحدى امرأتيه طلاقاً ثلاثاً بائناً لكنه نسيها ولا بينة، فالحكم أنه توضع بينهما القرعة في الحل وفي الإرث، أي في حلِّها له وفي كونها ترث منه، أما الإرث فهذا ظاهر للتعليل المتقدم فهو حق لواحد غير معين ولا سبيل لنا إلى تعيبن صاحب الحق فحينئذٍ سلكنا هذا الطريق الشرعي وهو القرعة.


(١) ليست في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>