للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما في الحِل فاختار الموفق وهو رواية عن الإمام أحمد وهو مذهب أكثر أهل العلم كما حكى ذلك الموفق: " أن القرعة هنا لا طريق لها؛ ذلك لأن الزوجة هنا قد اشتبهت عليه، فكما لو اشتبهت زوجته بأجنبية فإنه لا يحل له أن يطأ، وهنا كذلك فقد اشتبهت عليه إحدى المرأتين هذه محرمة عليه بالبينونة وهذه حلال له، ولأن القرعة لا تحل المرأة المطلقة، ومعلوم أن القرعة قد تقع على المرأة المطلقة المنسية، وهذه القرعة لا تحل المرأة التي قد وقع عليها الطلاق ولا ترفع الطلاق عنها.

فإن قيل فما الفرق بينها وبين المسألة المتقدمة؟

فالجواب: أن المسألة المتقدمة الطلاق لم يقع على واحدة بعينها بل الطلاق مبهم فاحتجنا إلى تعينه بالقرعة، وأما في هذه المسألة فإن الطلاق واقع على واحدة بعينها، فإن إحداهما طالق بعينها ولكنها مجهولة، وهذا فرق ظاهر بين المسألتين، فالراجح ما ذكره الموفق وهو مذهب أكثر أهل العلم.

قال: [وإن تبيَّن أن المطلقة غير التي قرعت ردت إليه ما لم تتزوج أو تكن القرعة بحاكم]

هذا تفريع على القول المرجوح، فإذا وقعت القرعة فخرجت على فلانة وتبين للزوج، أي تذكر أن المطلقة غير التي قرعت، وهذا أي التذكر أمر لا يعلم إلا من جهته فيقبل فيه قوله، فإذا تذكر أنها غير التي قرعت فإنها ترد إليه.

ما لم تتزوج: فإذا تزوجت فلا ترد إليه؛ وذلك لأن قوله المجرد عن البينة لا يسقط حق غيره فالمرأة هنا قد تزوجت فأصبحت في عصمة غيره فقوله المجرد لا يسقط حق الغير.

أو تكن القرعة بحاكم، فإذا كانت القرعة من طريق الحاكم فيكون هذا قضاءً وحكماً والحكم لا يرفع بقوله المجرد.

إذن: إذا تزوجت المرأة أو كانت القرعة بحاكم فإنها لا ترد إليه، وأما إذا لم تتزوج ولم يثبت حكم القرعة بحاكم فإنها ترد إليه؛ لأنه شيءٌ لا يعلم إلا من جهته فقبل فيه قوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>