والذي يقوى عندي – والله أعلم – أن الوطء ينهى عنه، وأما تشرفها له وتزينها له والخلوة بها والسفر بها فهو جائز، وأما الوطء فإنه يمنع منه؛ وذلك لأن في المنع منه سبباً لإرجاعها؛ وذلك لأنه إذا علم أنه لا يمكن من وطئها إلا بأن يراجعها فإن المنع من الوطء يكون ذريعةً إلى إرجاعها والإرجاع محبوب إلى الله تعالى، ولأن هذه الطلقة كما ذكروا ثبت بها التحريم وإنما كان له حق الرجوع، وأما الخلوة بها ونحو ذلك فإنها تستثنى بدليل أن الله تعالى نهاهن من الخروج من بيوتهن ومعلوم أن بقاءها في بيتها يكون فيه خلوة، وغير الخلوة مما تقدم ذكره في السفر بها ونحوه له حكم الخلوة.
قال:[وتحصل الرجعة أيضاً بوطئها]
وتقدم أن الحنابلة يجيزون الوطء فإذا وطئها فإن الرجعة تحصل بها سواء نوى به الرجعة أم لم ينوِ به الرجعة، إذن: بالوطء المجرد تثبت الرجعة.
وعن الإمام أحمد وهو مذهب المالكية وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية: أن الرجعة لا تحصل بالوطء إلا بالنية؛ وذلك لأن الوطء ليس صريحاً في إرادة إرجاعها فاشترط فيه النية، وهذا القول هو الأظهر، وعليه فإذا وطء الرجل امرأته ولم ينو بذلك الرجعة فلا يكون هذا الوطء رجعة بل لا يكون رجعة حتى ينويه.
وأما ما دون الوطء فظاهر كلام المؤلف وهو المذهب: أن الرجعة لا تحصل به فإذا استمتع بها بما دون الوطء كأن يقبلها أو يباشرها فإن الرجعة لا تحصل به في المذهب.
وقال الأحناف: بل تحصل به؛ وذلك لأن الاستمتاع بالمرأة لا يحل إلا بالزوجية، وقولهم أظهر لكن بشرط النية كما تقدم، فإذا باشرها أو قبلها أو نحو ذلك وهو ينوي الرجعة فإن الرجعة تحصل بذلك.