اتفاقاً، فلا يصح أن يراجع امرأته ويعلق هذا بشرط، كالنكاح، فليس له أن يقول: راجعتك إن كان كذا، بل لابد وأن يكون منجزاً كالنكاح، بخلاف الطلاق الذي هو فراق للمرأة، وأما الرجعة ففيها استدامة لنكاحها فأشبه ابتداء النكاح في هذا الحكم.
قال:[فإذا طهرت من الحيضة الثالثة ولم تغتسل فله رجعتها]
عدة المطلقة ثلاثة قروء أي حيضات، فإذا حاضت الحيضة الأولى ثم الثانية ثم الثالثة ثم انقطع عنها الدم فبانقطاع الدم يتم لها ثلاثة قروء، فله أن يراجعها قبل أن تغتسل، فإذا انقطع الدم فجلست ساعة أو ساعتين أو يوم أو يومين أو شهراً أو سنة ولم تغتسل فله أن يراجعها وهو ظاهر المذهب وأن له أن يراجعها وإن فرطت في الاغتسال مدة طويلة، قالوا: لأنه قول عمر وعلي وابن مسعود كما في مصنف عبد الرزاق، قالوا: ولا يعلم لهم مخالف.
ورجَّح الموفق أن ذلك بحيث يلزمها الغسل، فلو طهرت بعد طلوع الفجر فإنها لا تلزم بالغسل حينئذٍ وإنما تلزم به إذا خشي فوات وقت الظهر، فإذا راجعها في هذه الساعات فالرجعة صحيحة، لكن لو أخرت الاغتسال حتى خشي خروج الوقت فإن الرجعة لا تصح وتكون قد خرجت من عدتها، وهذا القول أظهر - على ترجيح هذا القول -.
والقول الثاني في المسألة وهو قول الجمهور وهو رواية عن الإمام أحمد واختاره الشيخ عبد الرحمن السعدي: أنها بانقطاع الدم في القرء الثالث تكون قد خرجت من عدتها، قالوا: وهذا ظاهر قوله تعالى: {وبعولتهن أحق بردهن في ذلك}(١) ، فإن قوله (في ذلك) الإشارة هنا تعود إلى العدة المذكورة، وهي ثلاثة قروء، فجعل العدة ظرفاً لأحقية الزوج بالرجعة، ومفهوم هذه الآية أن هذه القروء إذا مضت ولم يراجعها فإنه ليس له أن يراجعها.