وقالوا: ولأن سائر الأحكام كذلك، فما هو الدليل على استثناء هذه المسألة، وإلحاق الشيء بنظيره أولى، ولذا فالحنابلة يقولون بالتوارث (١) فيما إذا طلق امرأته فاستمرت في عدتها ثلاثة قروء فانقطع الدم في القرء الثالث ومات بعد انقطاعه وهي لم تغتسل، فإنه لا توارث بينهما في المذهب، ولا شك أن إلحاق النظير بنظيره أولى، وكذلك اللعان إذا انقطع الدم عنها في القرء الثالث فقذفها بعد انقطاعه وقبل غسلها، فلا نقول بإيقاعه بل يكون قذفاً لأنها تكون أجنبية عنه حينئذٍ.
وهذا القول هو الأرجح من جهة الدليل.
لكن يشكل عليه ما ذكره الحنابلة من أن هؤلاء الصحابة لا يعلم لهم مخالف.
فإن صحَّ ذكر الخلاف في أن بعض الصحابة، كعائشة وابن عمر وزيد بن ثابت كما في الموطأ: أنهم كانوا يرون أن الأقراء هي الأطهار، إن صح أن يكون هذا مخالفة منهم لمن تقدم ذكرهم، فيدفع هذا القول بقولهم.
وإلا فقد يقال إن الصحابة القائلين بأن الأقراء هي الحيضات كلهم قد قالوا: إن انقطع عنها الدم ولم تغتسل فله الرجعة والله أعلم.
لكن من حيث الدليل ما ذهب إليه الجمهور أقوى، وممن اختاره من المتأخرين الشيخ عبد الرحمن بن سعدي. والله أعلم.
قال:[وإن فرغت عدتها قبل رجعتها بانت وحرمت قبل عقد جديد]
فإذا فرغت العدة قبل رجعتها فإنها تبين منه وتحرم عليه إلا بعقد جديد يشترط فيه الولي والصداق وغير ذلك، وهذا هو مفهوم قوله تعالى:{وبعولتهن أحق بردهن في ذلك}(٢) ، فظاهره أنهم ليسوا بأحق بردهن بعد ذلك أي بعد العدة، وهذا باتفاق العلماء.
قال:[ومن طلَّق دون ما يملك ثم راجع أو تزوج لم يملك أكثر مما بقي وطئها زوجٌ غيره أو لا]