للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما تعريفه: فهو أن يقذف الرجل امرأته بالفاحشة فيشهد على نفسه بذلك أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ثم الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، والغضب أقبح من اللعنة، وكان الغضب هنا، لأن الغضب لمن يعلم الحق ويترك القول به، والذي يغلب على الظاهر أن الرجل صادقٌ في قوله، إذ يبعد في الغالب أن الرجل يرمي امرأته على رؤوس الأشهاد بالفاحشة ويلعن نفسه بالخامسة إلا وهو صادقٌ في دعواه، وأن المرأة قد اضطرته إلى ذلك.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [يشترط في صحته أن يكون بين زوجين]

لقوله تعالى: {والذين يرمون أزواجهم} (١) ، فلو قذف أجنبية عنه فإما أن يأتي بأربعة شهود فتُحدَّ المرأة وإما أن يجلد ثمانين جلدة، وهو حد القذف.

فحكم اللعان مختص بالزوج فقد يرى الرجل من امرأته ما يكره، وليس ثمت من يشهد له، وقد رأى ذلك بعينه أو تيقن حصول ذلك فيحتاج إلى نفي الولد منه وحينئذٍ فيُلاعن امرأته فيشهد على نفسه أربع شهادات إنه لمن الصادقين.

واختُلف هل هي أيمان أم شهادات:

القول الأول وهو مذهب الجمهور: أنها أيمان مؤكدة بالشهادة.

القول الثاني وهو مذهب أبي حنيفة: أنها شهادات.

وينبني على هذا الخلاف من يصح لعانه، فإن قلنا: إن اللعان شهادات فلا يصح إلا ممن تصح شهادته، فالفاسق لا تصح شهادته وعليه فلا يصح لعانه وكذلك الكافر والعبد، وإن قلنا: إن اللعان أيمان فإنه يصح ممن تصح يمينه فيصح من العبد ويصح من الكافر ويصح من الفاسق؛ لأن أيمانهم منعقدة صحيحة.

استدل أهل القول الثاني القائلين بأنها شهادات، بلفظ الشهادة في قوله تعالى: {ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم} ، فدل على أنهم شهداء فما يحصل منهم فهو شهادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>