للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واستدل أهل القول الأول، بقوله تعالى: {فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله} فقوله (بالله) من ألفاظ القسم، قالوا: والشهادة تأتي في القرآن وفي لغة العرب بمعنى اليمين، ومنه قوله تعالى: {فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا} (١) ، أي ليميننا، ولقوله تعالى: {إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله} (٢) ، ثم قال بعد ذلك {اتخذوا أيمانهم جنة} ، فقولهم (نشهد) يمين.

ومن شعر العرب قول بعضهم: ((فأشهد بالله أني أحبها)) .

فقوله (أشهد) ؛ أي يمين، وهو من الشعر المحتج به، وقد أورده ابن القيم في زاد المعاد، وهذا القول هو القول الراجح.

وأما قوله تعالى {ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم} فهذا من باب الاستثناء المنقطع، أي لم يكن لهم شهداء لكن أنفسهم.

ويدل على القول الراجح حديث لكنه ضعيف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لولا الأيمان لكان لي ولها شأن) (٣) رواه أبو داود

وعلى القول الراجح فمن صحت يمينه صح لعانه، وعليه فالفاسق يصح لعانه وكذلك الكافر والعبد.

وأما غير البالغ فلا يصح لعانه؛ لأن يمينه لا تصح، فلو قذف الصبي امرأته بالزنا فلا لعان؛ وذلك لأن يمينه لا تصح.

ويدل على صحة قول الجمهور عموم قوله تعالى: {والذين يرمون أزواجهم} ، فهو عامٌ في الحر والعبد وفي المسلم والكافر وفي العدل والفاسق، ولأن ذلك موضع ضرورة فيحتاج إليه الكافر ويحتاج إليه العبد ويحتاج إليه الفاسق، فهو موضع حاجة، لأنه يحتاج إلى اللعان لينفي الولد عنه.

قال: [ومن عرف العربية لم يصح لعانه بغيرها وإن جهلها فبلغته]

من عرف العربية فيشترط في صحة لعانه، أن يكون بها، لكن إن جهلها فبلغته كما تقدم في النكاح.


(١) سورة المائدة ١٠٧.
(٢) سورة المنافقون ١.
(٣) أخرجه أبوداود في كتاب الطلاق، باب في اللعان (٢٢٥٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>