وهنا إيراد على المسألة التي تقدم ترجيحها وهي أنه لا يجوز الإسقاط قبل نفخ الروح مطلقاً.
إن قيل لما أجزنا العزل؟
فالجواب: أن بين العزل والإسقاط فرقاً، فإن الإسقاط يكون فيه إزالة ما هو موجود حاصل، فإن هذه النطفة قد حصلت في الرحم، واجتمع ماء الرجل بماء المرأة في رحمها، بخلاف العزل فإنه بموجود ولا حاصل، وفرق ظاهر بين ما هو موجود وحاصل وما ليس كذلك.
الدرس الخامس والستون بعد الثلاثمائة
فصل
قال رحمه الله:[الثانية: المتوفي عنها زوجها بلا حملٍ قبل الدخول وبعده]
هذا هو القسم الثاني من المعتدات، المتوفي عنها زوجها قبل الدخول أو بعده لحديث معقل بن سنان الأشجعي الذي تقدم ذكره في الدرس السابق ودرسٍ قبله.
قوله:" بلا حمل منه "؛ فإن الحامل إذا وضعت حملها وقد توفى عنها زوجها، فإنها تنقضي عدتها بوضعها للحمل، ولو كان ذلك بعد ليالٍ يسيرة، ففي البخاري عن المسور بن مخرمة:" أن سبيعة الأسلمية نُفست بعد وفاة زوجها بليالٍ،فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فاستأذنته أن تُنكح فأذن لها " رواه البخاري، وأصله في الصحيحين.
أما إذا كانت حائلاً غير حاملٍ وتوفى عنها زوجها فإن عدتها، أن تتربص أربعة أشهرٍ وعشراً، لقوله تعالى:{والذين يتوفون منكم ويدرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهرٍ وعشراً} ، ولا فرق كما تقدم أن تكون مدخولاً بها أو غير مدخول بها، بخلاف المطلقة فإن المطلقة غير المدخول بها لا عدة لها.
قال:[للحرة أربعة أشهرٍ وعشراً]
فالحرة تتربص أربعة أشهر وعشراً، أي وعشرة أيام، فهنا أتت العدد لتبين مسألة اتفقت عليها المذاهب الأربعة، وهي أن العدة؛ لا تنتهي بعد مضي أربعة أشهرٍ إلا مع مضي عشرة أيام بلياليهن، فإذا غابت الشمس من اليوم العاشر فإن العدة تنقضي عند جمهور العلماء.