اختلف أهل العلم على قولين، ولفظة القرء من الألفاظ المشتركة، فتر في اللغة ويراد بها الطهر، وتر في اللغة ويراد بها الحيض، ومن ثم اختلف أهل العلم فيالمراد بالقرء في هذه الآية:
القول الأول: وهو مذهب الأحناف والحنابلة؛ إلى أن القرء هو الحيض.
القول الثاني: وهو مذهب المالكية والشافعية؛ إلى أن القرء هو الطهر.
فإذا قلنا هو الحيض فطلقها في طهرٍ فإنها تنتظر حتى تحيض ثلاثة حيض، فإذا حاضت الحيضة الأولى ثم طهرت ثم حاضت الحيضة الثانية ثم طهرت ثم حاضت الحيضة الثالثة ثم طهرت، ثم يأتي الخلاف المتقدم في قضية خروجها من العدة، هل ينتظر حتى تغتسل من الحيض أم بمجرد انقطاع الدم.
وإن قلنا هو الطهر؛ فإذا طلقها وهي طاهر فحينئذٍ يحسب طهراً، فحاضت ثم طهرت، هذا هو الطهر الثاني، فحاضت ثم طهرت فهذا هو الطهر الثالث، فإذا دخلت الحيضة الثالثة بعد طلاقها فإنها تنقضي لذلك عدتها.
أستدل أهل القول الثاني:
بقوله تعالى {فطلقوهن لعدتهن} ، قالوا: ومعنى هذه الآية فطلقوهن وقت عدتهن، ووقت الطلاق هو الطهر، وعليه؛ فالعدة هي في الطهر.
واستدلوا بقوله تعالى {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} ، قالوا: قال ثلاثة، فالعدد هنا مؤنث، والعدد إذا أنث فهذا يدل على أن العدد مذكر، والمذكر من المعنيين هو الطهر، فالحيض مؤنثة والطهر مذكر.
أما أدلة أهل القول الأول فهي:
ما روى ابن ماجة بإسناد صحيح أن بريرة أمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تعتد ثلاثة حيض، وهو من حديث عائشة وإسناده صحيح.
واستدلوا: بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - الثابت في سنن أبي داود وغيره:(اترك الصلاة أيام أقرائك) ، قالوا: فالشارع قد أطلق الإقراء على الحيض، فإذاً المعروف عن الشارع أن القرء هو الحيض.
قالوا: ولأن من حكم العدة الإستبراء، والإستبراء إنما يحصل بالحيض.