وذهب أهل الظاهر وهو رواية عن الإمام أحمد: أن الرضاع المحرم هو ثلاث رضعات.
أدلتهم هي:
ما ثبت في مسلم من حديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(لا تحرم المصة والمصتان) ومن حديث أم الفضل: " لا يحرم الإملاجة أو الإملاجتان" وهذه من الأدلة التي يرد بها على أهل القول الثاني.
وأما الجواب عن استدلالهم أي أهل الظاهر، فأن يقال: ما ذكرتموه مفهوم، فإن قوله:" لا تحرم المصة والمصتان" فمفهومه أن الثلاث تحرم، وكذلك "لا تحرم الإملاجة والإملاجتان" فإن مفهومه أن الثلاث تحرم.
لكن عندنا منطوق وهو حديث عائشة وأن الرضاع المحرم هو خمس رضعات معلومات.
والمنطوق مقدم على المفهوم، كما هو مقرر في أصول الفقه إذن الصحيح ما ذهب إليه الحنابلة والشافعية من أن الرضاع المحرم هو خمس رضعات معلومات.
واختلف أهل العلم فيما يسمى رضعة:
فالمشهور في المذهب أنه إذا مص الثدي فتركه باختياره أو بغير اختياره فإنها تحسب رضعة.
فلو أنه امتص الثدي ثم انتقل إلى الثدي الآخر، أو قطعه لتنفس أو لعطاس، ونحو ذلك فإنها تحسب رضعة أخرى.
والقول الثاني في المسألة: وهو مذهب الشافعية وهو وجه في مذهب الإمام أحمد واختاره الشيخ عبد الرحمن السعدي أن الرضعة المحرمة هي الرضعة الكاملة التي يترك معها مص الثدي باختياره.
وأما إذا تركه بغير اختياره كأن ينتقل من ثدي إلى ثدي آخر أو أن يتركه لتنفس أو نحو ذلك فإن مجموع ذلك يسمى رضعة واحدة فرجوعه إلى الثدي بين التنفس أو العطاس لا يعتبر رضعة ثانية بل كلاهما رضعة واحدة.
وهذا هو القول الراجح وهو الذي يدل عليه العرف فإن الرجل لا يعد قد أكل أكلتين أو ثلاثاً إذا كان قطع أكله لتنفس أو لانتقال إلى طعام آخر أو لشرب ماء أو عطاس أو نحو ذلك بل لائق في العرف إلا أكلاً أكلةً واحدة.