قال:[أو شهدت عليه بينة بما يوجب قتله ثم رجعوا وقالوا عمدنا قتله، ونحو ذلك] .
فإذ شهدت عليه بيّنة بما يوجب قتله، كأن يشهد عليه اثنان أنه قد قتل، أو يشهد عليه أربعة أنه قد زنا وكان محصناً، أو يشهد عليه اثنان أنه سخر من الدين واستهزأ به، ثم رجعوا وقالوا: عمدنا قتله ونحو ذلك فحينئذ يكونون هم الذين قتلوه فيقام عليهم الحد، وذلك لأنهم قد قصدوا قتله بما يقتله غالباً وهي البينة.
فإذا كان الولي، أي ولي المقتول عالماً بذلك، كأن يشهدوا على رجل أنه قد قتل زيداً من الناس، وهم كاذبون في ذلك، وولي زيدٍ يعلم كذب هؤلاء الشهود ومع ذلك فقد اختار القصاص على الدية، فإنه هو الذي يقام عليه الحد وذلك لأنه هو الذي باشر قتله.
وإن كان الحاكم، أي القاضي يعلم كذب الشهود، فحكمه حكم البينة " أي حكم الشهود" إن كان الولي عالماً بذلك قتل الولي، فإن لم يكن عالماً فإن الحكم يثبت على القاضي وعلى البينة لأنهم هم الذي قتلوه.
والدية عليهم على عددهم، فإن كانت البينة اثنين، فالدية أثلاثاً على القاضي الثلث، وعلى الشاهدين الثلثان وهكذا.
قال:[وشبه العمد: أن يقصد جناية لا تقتل غالباً] .
فيشترك هو والعمد: بأنه قد قصد الجناية، لكن في العمد بشيء يقتل غالباً، وأما في شبه العمد فإنه بشيء لا يقتل غالباً.
قال:[ولم يجرحه بها] .
هذا قول في المذهب، وفيه نظر كما سيأتي، ثم ضرب أمثلة، لقتل شبه العمد.
فقال:[كمن ضربه في غير مقتل بسوط أو عصا صغيرة، أو لكزه ونحوه] .
كأن يغرز فيه إبرة ونحو ذلك، فهذا قتل شبه عمد، فالجناية مقصودة لكن الذي تمّ به القتل لا يقتل غالباً، كالعصا، والحجرة الصغيرة والإبرة ونحو ذلك.
وقيّده المؤلف هنا بقول "ولم يجرحه بها" وعليه فلو جرحه بها ولو كانت إبرة فخرج الدم ولو كان يسيراً، فإنه يكون قتل عمدٍ.