وهذا فيه نظر ظاهر، والراجح أنه وإن جرحه فهو قتل شبه عمد ما دام أن ذلك لا يقتل غالباً، وهو اختيار الشيخ عبد الرحمن بن سعدي، ولا دليل على إخراج هذه الصورة ما دام الضابط فيها وهو أن الجناية لا تقتل غالباً.
لكن لو كررّ الضرب بالعصا، فمجموع هذا التكرار يجعل هذا الضرب مما يقتل غالباً، ولو غرز إبرة في قلبه، فإنه يقتل غالباً، أو كان طفلاً صغيراً، فضرب بحجر ونحوه فكذلك، وقتل شبه العمد لا قود فيه، فالقود باتفاق أهل العلم مختص بالعمد، أما قتل الخطأ وشبه العمد فلا قصاص فيه باتفاق أهل العلم.
والدية في قتل العمد على القاتل نفسه، وأما في شبه العمد والخطأ فهي على العاقلة.
والدية في شبه العمد مغلّظة، وفي الخطأ مخففة.
قال:[والخطأ أن يفعل ماله فعله مثل أن يرمي صيداً أو غرضاً أو شخصاً غير معصوم الدم فيصيب آدمياً لم يقصده] .
أن يفعل ماله فعله كأن يرمي صيداً، يصيب آدمياً أو يريد أن يتعلم الرمي أو يتمرس عليه فيرمي عرضاً شاخصاً فيصيب آدمياً فيقتله أو يرمي بسهمه على كافر محارب فيصيب السهم على بعض المسلمين.
والخطأ إما أن يكون في القصد وإما أن يكون في الفعل، فالخطأ في القصد، أن يقصد القتل لكنه يخطئ في ذلك، فهو يقصد آدمياً غير معصوم فيصيب آدمياً معصوماً.
وأما الخطأ في الفعل: فهو أن يقصد رمي شاخص أو رمي صيد فيتخطى، فيصيب آدمياً.
فإذا رمى فأخطأ في فعله أو أخطأ في قصده فأصاب آدمياً فقتله فهذا هو قتل الخطأ، لا قصاص فيه، وفيه الدية المخففة.
قال:[وعمد الصبي والمجنون] .
فعمد الصبي والمجنون خطأ، باتفاق أهل العلم فإذا قتل الصبي متعمداً، وكذلك المجنون فهو في حكم الخطأ، وذلك لأنهما لا قصد لهما، فأشبه هذا المكلف المخطئ، فكما أن المكلف المخطئ قتله قتل خطأ لأنه لا قصد له فكذلك المجنون والصبي إذا قتلا فقتلهما قتل خطأ ففيه الدية والكفارة، فالدية تكون في مال العاقلة وأما الكفارة فهي في مالهما ولا قود ولا قصاص.