حتى قالوا: لا يرفع الضارب يده حتى يظهر بياض إبطه، لأن هذا ضرب شديد يؤلم ألماً شديداً فربما شق الجلد أو آذاه آذىً شديداً.
وليس المقصود هو الإتلاف وإنما المقصود هو التأديب والزجر.
قال: [ويفرق الضرب على بدنه] .
لئلا يضرّ به.
مسألة:
فإن كان من يُراد إقامة الحد عليه مريضاً، فله حالان:
الحالة الأولى: ألا يرجى زوال مرضه، فإنه يقام عليه الحد إقامة لا تضر به.
كأن يضرب بالنعال أو يضرب بطرف الثوب، أو بشماريخ العثكال أو نحو ذلك.
ويدل على ذلك: ما رواه أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهما: أن رويجلاً: أي ضعيف الزحولة "خبُثَ بأمة فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -?بإقامة الحد عليه" فقيل هو ضعيف فقال خذوا عثكالاً فيه مائة شمراخ فاضربوه ضربة واحدة.
والعثكال: هو مجمع الشماريخ في النخل.
وقد قال تعالى: ((فاتقوا الله ما استطعتم)) ومن ذلك إقامة الحد ومن الحديث: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) .
الحالة الثانية: أن يرجى زوال مرضه.
فالمشهور في المذهب: أنه كذلك فلا يؤخر عليه الحد بل يضرب وهو مريض على حالة لا يثبت معها الضر.
وقال الجمهور وهو احتمال في المذهب: أنه يتراخى حتى تزول مدة العلة وحتى يزول هذا العارض.
وهذا هو القول الراجح في هذه المسألة، ويدل عليه ما تقدم في أُر علي بن أبي طالب: فإنه لما أمره النبي - صلى الله عليه وسلم -?أن يقيم الحد على الأمة وجدها حديثة عهد بنفاس فأخر إقامة الحد عنها فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -????أحسنت) .
وفي صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم -?قال للزانية: (اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه) ، وهذا يدل على تأخير إقامة الحد للعارض.
وبه يحصل مقصود الحد من الزجر والردع، أما ما استدل به الحنابلة من الحديث المتقدم فإن الرجل لا يرجى زوال مرضه بخلاف ما هو واقع في هذه المسألة.
مسألة:
إن كان الرجل في أرض العدو في الغزو، فهل يقام عليه الحد في أرض العدو أم لا؟