قولان لأهل العلم:-
أصحهما وهو المشهور في المذهب، وهو من مفردات مذهب الإمام أحمد ألا يقام عليه الحد.
وعليه دلت السنة وآثار الصحابة، فالسنة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم -?قال: ((لا تقطع الأيدي في الغزو (وفي لفظ) ?في السفر)) المراد في سفر الغزو وذلك لئلا يترتب على إقامة الحد ما هو أعظم ضرراً كأن يلحق بالعدو فراراً يعني تأخذه العزة بالإثم.
وأيضاً ليكون أنكى في قتال العدو فإن إقامة الحد يضعفه.
وأما آثار الصحابة فهو قول عمر وأبي الدرداء وحذيفة ولا يعلم لهم مخالف.
فإذا رجع أقيم عليه الحد، للأدلة في ذلك، (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) وهذا سارق وإنما أخر للمعنى المتقدم.
واختار ابن القيم أنه إن ظهرت منه التوبة النصوح أو ظهرت منه حسنات كنكاية عظيمة في العدو فإنه يعفى ويدل على ذلك: ما كان من سعد بن أبي وقاص مع أبي محجن وهي قصة صحيحة رواها عبد الرزاق في مصنفه وابن أبي سعد وسعيد بن منصور، وغيرهم، وقد صحح إسنادها الحافظ ابن حجر والقصة أنه شرب الخمر وكان له بعد ذلك نكاية بالعدو فحلف سعد بن أبي وقاص ألا يجلده البتة لما كان له من النكاية بالعدو.
فهذا أثر صاحب لا يعلم له في هذه المسألة مخالف أي مع هذه القيود المتقدمة.
قال: [ويتقي الرأس والوجه والفرج والمقاتل] .
وهذا ظاهر لأن المقصود هو التأديب وليس هو الإتلاف.
قال: [والمرأة كالرجل فيه إلا أنها تضرب جالسة] .
فتضرب جالسة لان ذلك أستر لها، وتقدم أثر علي وأن إسناده ضعيف لكن المعنى يدل على ذلك.
قال: [وتشد عليها ثيابها] .
فهذا أستر لها.
قال: [وأشد الجلد جلد الزنا ثم القذف ثم الشرب ثم التعزير] .
فأشد الجلد جلد الزنا، فهو أشد من جلد القاذف وجلد القاذف أشد من جلد الشارب وجلد الشارب أشد من الجلد في التعزير.
قالوا لقوله تعالى في الزنا: ((ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله)) فلما ذكر ذلك بخصوص الزنا دل على أن الجلد فيه أشد.