وقد أبطل هذا ابن القيم غاية الإبطال وبيّن أن هذا من الحيل التي تبطل الشرع من أصله، فلا يعجز سارق أن يدعي مثل هذا وحينئذ فلا قطع.
وهذا مما تنزه عنه الشريعة الإسلامية فلا شك أن هذا من الحيل الباطلة وهذه حيلة يستطيع أن يفعلها كل سارق.
قال رحمه الله تعالى:[ولا يقطع إلا بشهادة عدلين] .
ذكرين حرين اتفاقاً.
فقد اتفق العلماء على أنه لا يقطع إلا بشهادة عدلين ذكرين حرين وهي البينة فثبتت بها السرقة ويترتب عليها الحد باتفاق أهل العلم ولو كان ذمياً.
فلو شهد ذميان على ذمي بالسرقة فإن الحد لا يقام عليه فالبينة هي شهادة شاهدين عدلين مسلمين ذكرين حرين.
قال:[وإقرار مرتين] .
هذا هو الطريق الثاني لثبوت السرقة التي يترتب عليه إقامة الحد وهو أن يقر بالسرقة على نفسه مرتين، فيقول: قد سرقت ثم يقول قد سرقت.
ويدل عليه ما رواه أبو داود والنسائي من حديث أبي المنذر مولى أبي ذر عن أبي أمية المخزومي قال: أُتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بلص قد اعترف اعترافاً ولم يوجد معه متاع فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -????ما إذا لك سرقت) فقال: بلى فأعادها مرتين أو ثلاثاً- واليقين مرتين ??فأمر به فقطع ثم جيء به فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - استغفر الله وتب إليه فقال: استغفر الله وأتوب إليه، قال - صلى الله عليه وسلم -: " اللهم تب عليه ثلاثا ".
هذا الحديث فيه أبو المنذر مولى أبي ذر وهو مجهول لكن الحديث ليس بمنكر، وجهالة التابعي ليست بالجهالة القوية، مع وجود شاهد له، وهو ما ثبت في مصنف عبد الرزاق وسنن البيهقي بإسناد صحيح عن علي، أن رجلاً قال له: إني سرقت فردّة، فقال: إني سرقت فقال علي: شهدت على نفسك مرتين، فأمر به فقطع.
ولا يعلم لعلي مخالف، فعلى ذلك الحديث المتقدم حديث حسن وليس بمنكر ويشهد له فعل علي ويشهد له العباس على مسألة الزنا، فالزنا بينته أربع شهادات والإقرار لابد أن يكون أربعاً.