لكن هنا يأخذون المال مجاهرة، يرفعون عليهم العصي والسلاح فيأخذون أموالهم.
قال: [فمن منهم قتل مكافئاً أو غيره كالولد والعبد والذمي وأخذ المال قتل ثم صلب حتى يشتهر] .
فمن فيهم قتل مكافئاً أو غيره، كالوالد يقتل ولده كالحر يقتل العبد، وكالمسلم يقتل الذمي، وأخذ المال فإنهم يقتل ويصلب.
فلو أن الأب قتل ولده في الحرابة فإنه يقتل به أو قتل مسلم ذمياً كأن يخيف بعض المسلمين السُبل فيقتلون ذمياً فإن يقتلون به.
أو حراً أخاف الطريق فقتل عبداً وتقدم أن المشهور في المذهب أن الحر لا يقتل بالعبد، وأما هنا فإنه يقتل.
وذلك لحق الله تعالى، فهناك في باب القصاص هو لحق الآدمي، وأما هنا فهو لحق الله تعالى، فهو حد من الحدود فالفرق بين هذا الباب وباب القصاص:-
أن باب القصاص حق للآدمي وعليه فلا يقتل الوالد بولده ولا يقتل في المشهور السيد بالعبد ولا يقتل المسلم بالذمي.
وأما هنا فهو حق لله تعالى.
ولذا فإن الله لم يرجع قتلهم إلى أولياء المقتول فهو حد فقال: ((إنما جزاء الذين يحاربون الله.. أن يقتلوا)) ولم يجعل ذلك إلى أوليائهم بخلاف آية القصاص فقد أرجع الله ذلك إلى أولياء المقتول وأن أولياء المقتول بالخيرة بين القتل والدية والعفو.
وقوله: "فمن منهم" قد يفهم من ذلك خلاف المذهب فقد يفهم أنه لو قتل واحد منهم يقتل وأما البقية فإنهم لا يقتلون.
والمشهور في المذهب خلاف ذلك فالمشهور في المذهب أن قطاع الطريق إذا قتل واحد منهم فحكمهم جميعاً القتل وإذا أخذ المال واحد منهم فحكمهم جميعاً القطع وإذا أخذ واحد منهم المال وقتل فحكمهم جميعاً القتل والصلب هذا هو مذهب الحنابلة.
وقال الشافعية: بل إنما يقتل القاتل ويقطع الآخذ.
والصحيح هو القول الأول وذلك لأن المحاربة مبناها على المنعة والمناصرة، فهو لولا هؤلاء لم يخف السبيل ولم يقتل ولم يأخذ المال.
فمن منهم قتل وأخذ المال أي جمع بين معصيتين، القتل وأخذ المال، فإنه يتقل ويصلب.