قال تعالى:((إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض)) .
وقد اختلف أهل العلم في لفظة هل هي للتنويع أم هي للتخبير؟
أي هل هذه العقوبات تختلف باختلاف الجنايات فكل عقوبة لجناية، فالقتل والصلب لجناية والقتل لجناية وقطع الأيدي والأرجل لجناية والنفي لجناية.
أم أنها للتخيير، فالإمام مخير بين هذه العقوبات فإن شاء قتل وصلب وإن شاء قتل، وإن شاء قطع الأيدي والأرجل من خلاف وإن شاء نفى من الأرض.
١) فمذهب المالكية إلى أنها للتخيير فقالوا: مرجع ذلك إلى الإمام فإن رأى أن يقتلوا ويصلبوا فعل ذلك، وإن رأى أن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف فعل ذلك، وإن رأى أن ينفوا من الأرض فعل ذلك.
٢) وقال الجمهور: بل هي عقوبات مختلفة لجنايات مختلفة فإن قتل وأخذ المال فعقوبته الجمع بين القتل والصلب وإن قتل فقط ولم يأخذ المال فعقوبته القتل فقط وإن أخذ المال ولم يقتل فعقوبته أن تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى.
وإن أخاف السبيل ولم يأخذ مالاً فإنه ينفى من الأرض هذا هو القول الراجح ويدل عليه الأثر والنظر.
أما الأثر: فما ثبت عن ابن عباس من غير ما وجه فهو أثر حسن فقد رواه ابن جرير الطبري والبيهقي وعبد الرزاق وغيرهم أنه قال: " إن قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا، وإن قتلوا، ولم يأخذوا المال قتلوا ولم يصلبوا، وإن أخذوا مالاً ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف وإن أخافوا السبيل ولم يأخذوا مالاً نفوا من الأرض" فهذا أثر ابن عباس في تفسير هذه الآية.
أما النظر: فإن مقتضى العدل اختلاف العقوبات باختلاف الجنايات.
وإرجاع ذلك إلى الحاكم قد يترتب عليه تضييع وعبث فلا شك من إرجاع ذلك إلى الشرع كونها مسألة منضبطة من الشارع أولى من إرجاعها إلى الحاكم لئلا يدخل فيها شئ من العبث وهذا هو القول الراجح في هذه المسألة.